المَلِكة المظلومة … ليسَ دفاعًا !!!

المَلِكة المظلومة … ليسَ دفاعًا !!!
2024-05-10
ن.ب

سما الاردن | مِنْ الصعبِ في الظروف الحالية ألتي تَمرّ بها منطقتنا الآن بسبب الحرب الهمجيه التي يتعرض فيها الأهل في غزّة إلى محرقة لَمْ يشهد لها التأريخ مثيلًا وفاقت في شدتها محرقة الهولوكوست اليهودية - ولَنْ أدخل في جدلية صحتها مِن عَدَمها - فهذا متروك للباحثين والمؤرخين وَلكن في الحدّ الأدنى ثبات حصولها والاختلاف حول عدد الضحايا !! قُلت مِنْ الصعب في هذه الظروف أن تَقِفَ مُدافعاً عَنْ حاكمٍ أو مسؤول عَربي في موقفٍ ما فأنتَ حينها ستكون الاعور الدجّال الخارج في آخر الزمان وهذا هو وقْتك !!! . 

خَرَجَتْ كثير من الأقلام تُهاجم جلالة الملكة رانيا العبدالله على مقابلة لها مع إحدى المحطات التلفزيونية الاميركية على عبارة وردت في تلك المقابلة حَولَ شعورها بالحزن والأسى حول أمهات الرهائن الاسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية وقامت الدنيا وَلَمْ تقعد وثارت ثائرة البعيد والقريب مَنْ مع المقاومة وَمَن كان ضدها !!! . 

وَبعيداً عمّا يُسميهِ البعض هزّ الذنب أو مسح الجوخ أو التطبيل سأقول رأيي بما سمعت ليس إستخفافاً بِأراء الأخرين أو عدم تقدير لها بل مِنْ بآب الإنصاف والعدل . 

بدايةً أنا مِنْ القائلين بضرورة إبتعاد الملكة عَنْ الأمور السياسية في الدولة الأردنية فهي وبحسب الدستور والقانون ليس لها أيّ صفة في النظام الحكومي الأردني غير إنها زوجة الملك - سواءاً أكان ذلك حقيقيًا على أرض الواقع أمْ لا - ولكن عَدم وجود صفة لها في النظام الحكومي لا يعني إنتزاع الحق منها في التعبير وابداء الرأي في القضايا الإنسانية والاجتماعية التي تعيشها المنطقة . 

ومن ناحية ثانية فجميعنا يُدرك - وأعتقد أنّ الجميع مرّ بهذه التجربة - أن الواحد منّا وفي مواقف كثيرة لا يملك الحرية الكاملة في قول ما يريده !! وتراه يدور يمنةً ويُسرة لإيصال رسالته ، وفي أحيان كثيرة يُضحي بإمور صغيرة أو يعتقدها كذلك لإيصال ما هو أهم أو أكثر أهمية . 

وسائل الاعلام الغربية والامريكيه هي وسائل مغلقة أمام ألعرب ونادرا ما تُتاح الفرصة أمام العرب لمخاطبة الجمهور الغربي من خلال وسائلهم وبالتالي لا يجب أن نفقد هذه الفرصة في سبيل إطلاق التصريحات الرنانة التي تستهوينا كعرب ولكنها لا تصل للغرب !! ثمّ أنّ الغرب وبحكم ثقافته يميل إلى عدم إطلاق الاحكام المسبقة إن لَمْ تكن صادرة عَنْ جهات دولية لها صفاتها وإعتباراتها - وإن ثبت لنا كعرب أن الغرب له معاييره المزدوجة - وعليه فإنني أتخيل الملكة في هذه المقابلة كشخص يسير في حقل ألغامٍ لا يعرف في أي ساعة سينفجر فيه !! . 

كان صوت جلالة الملكة مِنْ أفضل الأصوات التي ساهمت في إيصال حقيقة ما يحدث في غزّة ولا زلنا نطلب منها المزيد ولكن بالمقابل لا يجب أنْ نُهمّش ونُسخّف كل جهد أردني تقوم به الدولة الأردنية ورموزها !! ولا يجب أن نكون معاول هدم في الجهود الأردنية لإيقاف هذه الحرب المجنونة !! ولو كانت الأمور بالتمنيات لكانت أغلى أمنية لي أن نكون في مقدمة المحاربين نصرة لغزة وفلسطين وأهلها . 

في فن السياسة كان على الملكة أن تقول انها تشعر بمعاناة الأمهات اليهوديات وَمَن مِنّا لا يشعر بهذه المعاناة ؟ فهذا شعور إنساني لا يمكن إنكاره ولكن تكملة الكلام الذي لَمْ يقال ولكنه أصبح مفهومًا وماذا عَنْ الأمهات الفلسطينيات وَمَن كان السبب الأساسي في هذه المعاناة ؟ أليس هو الاحتلال ؟ . 

مَنْ تابع أو إطلع على المقابلة كان عارفًا كمية الالغام التي كانت مُقَدّمة المقابلة تحاول زرعها تحت أقدام الملكة !! وكان السؤال الذي كان سيفجر جميع الالغام عندما سألت المذيعة ( أنت كملكة مِنْ أصول فلسطينية .. ؟ ) فهل وصلت للجميع كَم كانت هذه المقابلة محفوفة بالمخاطر والالغام ؟ وماذا يُهم المذيعة أنّ الملكة مِنْ أصول فلسطينية أو غير ذلك ؟ ولكن هذا هو الدهاء الاعلامي الذي نستَعيذُ بالله منهُ . 

يقول الحق في محكم كتابه بعد بسم الله الرحمن الرحيم ( ولا يجرمنّكم شنئان قوم على ألّا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى) وقال المعتمد بن عبّاد: 

   قالوا الخضوع سياسة 

            فليبد منك لهم خضوع 

شكرًا جلالة الملكة على هذا الصوت الحَقْ الذي أدعو الله أن يكون مساهمًا وفاعلًا في إيصال الحقيقة ومساهمًا في إنصاف الشعب الفلسطيني وتحريره من هذا الاحتلال . 

                       المحامي فضيل العبادي 

        رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة

تعليقات القراء

تعليقات القراء