الخلايلة يكتب: لقاء ملكي محمّل بالرسائل الإقليمية والدولية

الخلايلة يكتب: لقاء ملكي محمّل بالرسائل الإقليمية والدولية
2021-07-20
سلطان عبد الكريم الخلايلة
ن.ب

سما الاردن | الملك عبدالله الثاني يلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن. من تابع اللقاء أدرك الكثير من الرسائل فيه. هو لقاء عموما قبل أن يبدأ كان محملا بالرسائل. رسائل من ذوات المغلفات المحلية والإقليمية والدولية.

لن يكون جديدا قول بايدن أن «الولايات المتحدة ستقف دوما إلى جانب الأردن».

هكذا اذن. الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين استطاعت أن تضبط ساعة المنطقة على توقيت الأردن، تجلّى ذلك في اللقاء الملكي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن ليكون أول قائد عربي يلتقي الرئيس الأمريكي منذ نجاحه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

الأردن يسير اليوم في مزرعة من الأشواك، يأتي ذلك في الوقت الذي ما زالنا فيه نُرتب الفوضى التي خلّفها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في المنطقة بأسرها عامةً وفلسطين خاصة، طاولة اللقاء بين جلالة الملك الرئيس بايدن في البيت الابيض اليوم حملت الكثير من الملفات الخطرة والقضايا العالقة منذ عهد الرئيس الأمريكي السابق، ليس أولها دور الأردن في المنطقة والشراكة الأردنية الأمريكية، مروراً بالقضية الفلسطينية، وملفات شائكة للغاية في سوريا واليمن والعراق.

إنّ الأردن في العين الأمريكية يُمثل الحصان الذي يجر عربة السلام في المنطقة إلى الأمام، لذا مكانته يجب أنْ تكون في المقدمة وأمام العربة، وخيرُ برهانٍ على ذلك ما حدث في عهد الإدارة الأمريكية السابقة، ومحاولات القفز عن دور الأُردن بعد الرفض الأردني لصفقة القرن، والتي انتهت لتكون كلاماً عابراً في عهد إدارة أمريكية ترامبية مراهقة، رفض الشعب الأمريكي منحها ثقتهُ مرةً أخرى، كما أن مساعي السلام في المنطقة تحتاج جدِّيةً وعملاً مُضنياً؛ في ظل التعنُّت الصهيوني والتهويد المستمر للقدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن هنا تبدأ معضلة إحلال السلام الشامل والعادل.

نعلم بأن الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك وما تحملهُ من توافقٍ عربي واسعٍ من جميع الأطراف العربية جعلت من الزيارة محطةً استثنائية لها ما بعدها في قضايا المنطقة، وبعيداً عن كونِ الزيارة لأول قائد عربي يلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن للزيارة معانٍ سياسية واقتصادية مهمة للغاية.

قُبيل اللقاء الملكي مع الرئيس الأمريكي أعلنت السفارة الأمريكية في عمّان عن هديةٍ مقدمة من الحكومة الأمريكية تأتي في زمن كورونا على هيئة نصف مليون جرعةٍ من لقاح فايزر، كما سرّعت الحكومة الأمريكية تحويل مبلغ 600 مليون دولار من المنحة السنوية للأردن باعتبارهِ شريكاً أساسياً واستراتيجياً في المنطقة، وخلال اللقاء أكد الرئيس الأمريكي على وقوف الولايات المتحدة الأمريكية دائماً إلى جانب الأردن حج. 

ما تشعر به الدبلوماسية الأردنية – وهي محقةٌ في ذلك – أن الرؤيا الأردنية لما يجري غربي النهر تنجح، بعد فشل صفقة القرن إلى الحد الذي أصبحت فيه تاريخاً، لكن هُنا علينا أن نتذكر أن الصفقة وإن انتهت فقد ألقت بظلالٍ ثقيلة على المنطقة، ظلالٌ تريد المنظومة السياسية في المملكة الانتهاء من تبعاتها سريعاً.

نعم، نجح الأردن في توجيه البوصلة وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية بصفتها القضية المركزية، كما أن الرؤيا الأردنية التي تنظر لحل القضية الفلسطينية على مبدأ الشرعية الدولية وفق حدود الرابع من حزيران انتصرت، وهذا ما أكده الرئيس الأمريكي الجديد ورؤساء دول العالم.

لقد كانت حقبة الرئيس البرتقالي دونالد ترامب كابوساً ثقيلاً يضغط على صدر العالم كله وليس المنطقة وحدها، وها هو يمضي إلى غير رجعة، وما نريده اليوم من البيت الأبيض أن يرى هذه المرة بعيون شعوب المنطقة لما يجب أن تكون عليه الأمور.

أما عن إعادة الدفء للعلاقات الاردنية الاميركية فلا أحد اليوم يشك في أن هذه العلاقات تزداد متانة وقوة، وأن الدبلوماسية الأردنية نجحت حيث فشل الآخرون؛ نعم نجحنا وفشل الآخرين. وهنا بيت القصيد الذي علينا أن نتذكره جميعاً.

توقيت لقاء الملك والرئيس الأميركي يحمل رسائل ودلالات واضحة، أرادت الإدارة الأمريكية الجديدة إرسالها، من خلال استضافة صوت العقل والحكمة في المنطقة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ليكون أول اجتماع لقائد عربي مع الرئيس بايدين، مما يعكس أهمية الدور الأردني في رسم السياسة العربية الأميركية، ونظرة جلالة الملك الاستشرافية الثاقبة في جميع قضايا المنطقة.

تعليقات القراء

تعليقات القراء