قصَّة زوجة تعرضت للعنف ثمانية عشر عاماً

قصَّة زوجة تعرضت للعنف ثمانية عشر عاماً
2019-10-18
ن.ب

سما الاردن | عانت أم عبد الله لوعة الظلم والقهر والإذلال منذ 18 عاماَ هي وأبناؤها على يد زوجها ووالدته. هي شابة في العقد الثالث، ولكن من ينظر إلى ملامحها وإلى الخطوط التي  على وجهها يزيدها في العمر 20 عاماً. فالأمراض تمكنت من جسدها الضعيف، والضرب الذي تلقته من زوجها ترك علامات لا تمحوها السنون، وآثار الحروق بأعقاب السجائر منثورة في أنحاء جسدها، وجسمها هزيل من حرمانها تناول الطعام... التقتها «لها» واستمعت إلى قصتها بكل فصولها وتفاصيلها.ت

بدأ أم عبد الله بسرد قصتها منذ بداية زواجها قائلة: «تزوجت بشكل تقليدي عن طريق الخاطبة التي وفقت بيني وبينه. وعندما حضر هو ووالدته إلى منزل أسرتي، وجدت أنه عريس تتمناه أي فتاة، وتمت موافقتي، وأقام لي زفافاً في موطني مصر وبقينا أياماً هناك، ومن ثم سافرت معه إلى السعودية». وأضافت: «بعد مرور شهر علم بحملي وتغيرت معاملته هو ووالدته لي، ومنذ ذلك اليوم بدأت معاناتي معه بضربي وإهانتي في كل فرصة، حتى أنه لم يكن يراعي وجودنا في الأماكن العامة، فكثيراً ما كان يصرخ ويتطاول علي بألفاظ سيئة في الأماكن العامة. واستمر يعذبني طوال فترة سنة ونصف، حتى قرر مع والدته، عندما علم بحملي الثاني، أن يسافر بي إلى موطني بحجة زيارتي لأسرتي وولادتي هناك لأجد من يهتم بي وقت الولادة».

رفض تعليم ابنه وإرسال الأوراق الرسميةو

اصلت: «بعد سفري إلى مصر وإنجابي ابنتي هناك، لم يكلف نفسه السؤال عنّا أنا وأبنائي، ولم يكن ينفق علينا ريالاً واحداً. صبرت وكان المتكفل بجميع مصاريفنا والدي أطال الله بعمره، وكان من فترة إلى أخرى يرسل والد زوجي مبلغاً من المال  دون علم أحد، فوالداه منفصلان. وتمكنت من تربية أبنائي في ظل دعم أسرتي وتقديمهم العون لي، ولكن واجهتني عقبة دخول ابني عبد الله المدرسة لعدم توافر شهادة ميلاده معي، وحين طلبتها من والده خلال اتصالي به، رفض وعاند وأخبرني بأنه لا يريده أن يتعلم، ورفض أن يرسل الأوراق المطلوبة، فهل هو إنسان عاقل برفضه تعليم ابنه!».

التهديد بخطف الأبناء

وروت: «كان أبو عبد الله في كل عام يحضر إلى مصر دون أن يتصل بنا، وكنت أعلم بذلك حين تزداد الاتصالات على رقم الهاتف الذي أحمله من أشخاص يحاولون إزعاجي، وكان أحدهم شخصاً اسمه سيد عرفني به بعد زواجنا. كان يتصل ويطلب مواعدتي بناء على طلبه، حتى أنه هددني في إحدى المكالمات بخطف أبنائي، وأنه سيرمي بهم في الملاجئ إذا تمكن من الإمساك بهم. عشت أصعب الأوقات في تلك الفترة، والأمر الذي أصابني بالذهول محاولته خطف ابنته من المدرسة، ولولا ستر الله وحضور خالتها في الوقت المناسب لاصطحابها لم يكن بوسعي أن أراها ثانية. وآخر محاولاته للخطف كانت من أشخاص يعملون في مجال والدي، أخبرونا بأنه حضر إليهم وطلب منهم خطف الأولاد ليكسر قلبي، وسيدفع أي مبلغ يطلبونه، فهل هذا جزاء تربيتي لأبنائي واهتمامي بهم؟!».

وبسبب الأوضاع الأمنية في مصر، وخوفها على أبنائها من أي مشكلة تصادفهم، طلبت منه العودة إليه والسفر إلى السعودية: «بعد نقاشات مطولة وافق على عودتي وأولادي، واستطاع استكمال الأوراق في السفارة السعودية لنتمكن من المرور، ووقع اتفاقية وشروطاً لم ينفذ أي بند منها. ولم أكن أتصور أن تكون معاملته بهذا السوء. فخلال وجودنا في مطار القاهرة تطاول علينا جميعاً بالألفاظ والضرب وتوجيه الإهانات، ولم يكتفِ بذلك، بل أكمل ما بدأه في مطار جدة بعد وصولنا، ومن يومها لم أنعم بيوم من الراحة لمدة ثلاثة أشهر، حتى قرر طردنا من المنزل».

أساليب عنف مُبتكرة

وتصف أم عبد الله أسوأ ثلاثة أشهر من عمرها قائلة: «لم أرَ يوم راحة منذ دخولي منزل والدته، فالاهانات والضرب والتجريح طريقته في الحوار، ولم أكن أتمكن من النوم خوفاً على أولادي. وكان يتلذذ بابتكار أساليب تعذيبه لي، فهو مدخن شره، كان يطفئ سيجارته بجسدي دون تردد، وكان يشد شعري ويقطعه. حتى أنه في أحد الأيام ضربني بشكل مبرح وعشوائي حتى سال الدم من وجهي. فهل استحق كل هذا العذاب؟ وفي كل شجار يطردني خارج المنزل ويعيدني أبنائي بعد نومه، وحين يحاول أبنائي تهدئته أو إبعاده عني يصيبهم غضبه ويؤذيهم».

وتؤكد أم عبد الله رغبتها في طلب الطلاق والحصول على حضانة أبنائها: «قسوته وجبروته وظلمه وتحرشه بأبنائه تجعلني أصر على ذلك، فكل محاولات الصلح باءت بالفشل، وصبري نفد، وقوة تحملي بدأت تتلاشى، فالأمراض انتشرت في جسدي، وأبنائي كرهوا والدهم لما عانوه منه، فهل ينصفني حكم القاضي وينتهي الكابوس الذي عشته ثمانية أشهر؟».
الابنة: حاول التحرش بي ولا أريد البقاء معه

تصرخ والدموع تسيل من عينيها: «حاول التحرش بي مراراً»، هذا ما بدأت به الابنة حديثها وقالت: «خلال الثمانية أشهر التي أمضيناها في السعودية لم نعرف يوماً سعيداً، وكان دائماً يقوم بضربي أنا وأخي، وحاول في أحد الأيام تمزيق ملابسي، ودائماً يحاول تلمس أجزاء حساسة في جسدي، وكنت أنهره وأصرخ بأعلى صوتي، ودائماً يردد أن له الحق في كل ما يقوم به وأنني ملكه. فكنت أتخوف من النوم ليلاً لأنه يحاول كثيراً التقرب والتحرش بي، وكنت في كل مرة أهرب واختبئ داخل الحمام لأنه المكان الوحيد الذي فيه قفل ولا يمكنه أن يفتحه».

وأضافت الابنة:» لم يكن العذاب فقط من والدي بل كنا نلقى الظلم والهوان على يد جدتي التي نقيم في منزلها، وكانت دائماً تتلفظ بألفاظ نابية، وتنعتنا بجميع الأوصاف التي لا يمكن أن يتصورها عقل، حتى أنها قالت لي ولأخي إننا «أولاد حرام». وكانت حين تأخذني خارج المنزل للتنزه حسب قولها أعود والدموع تملأ وجهي بسبب صراخها علي واهانتي أمام الجميع. كنت أخاف منها حين تعاملني بلطف لأن سلوكها غير سوي، خاصة حين تطلب مني النوم بقربها، مع أنها لم تكن تنام حتى تقفل الباب عليها خوفاً من سلوك أبي وتصرفاته».
ابن خالة أم عبدالله: كنت مستعداً لتوظيفه إكراماً لها

ويحدثنا ابن خالة الزوجة م. قائلاً: «حاولت التفاهم معه ومحاورته كثيراً، إلى درجة أنني أخبرته بأنني مستعد أن أوظفه اكراماً لابنة خالتي وأبنائها. وفي كل مرة أحاول التحاور معه يتلفظ بألفاظ سيئة ويصرخ، وفي آخر محاولة للنقاش معه أخبرني بأنه مستعد أن يطلقها ويتنازل عن أبنائه ولكن بشرط أن ندفع مبلغ 10 آلاف ريال حتى يتمكن من دفع ديونه. تخوفت من مماطلته بعد أخذ المبلغ، واضطررنا للجوء إلى الشرطة، وتحول الموضوع إلى الإدعاء العام، ولتخلفه عن الوجود تحولت القضية الى المحكمة لإصدار الحكم».
الرأي القانوني

أبدت المستشارة القانونية ومستشارة إصلاح ذات البين رويدا صديقي رأيها في قضية أم عبد الله قائلة:

«ما حصل للسيدة وابنتها وابنها حسب روايتها فيه ظلم وإجحاف  بحقوقهم التي كفلها لهم الشرع  من الاستقرار الأسري والنفقة  وحقهم في التعليم، بالإضافة إلى العنف الذي تتعرض له الزوجة والتحرش الذي تتعرض له الابنة. فالأنظمة في المملكة العربية السعودية  تكفل الحماية القانونية للمرأة في حالة العنف الأسري والتعدي على الحقوق، بموجب الشريعة الإسلامية والأنظمة واللوائح».

هناك جهات يمكن للمرأة أن تلجأ إليها في حالة الإخلال بحقوقها ومنها: 

1- الأجهزة القضائية اذ أن السلطة القضائية تعتبر ضمانة مهمة من ضمانات تمتع المرأة بحقوقها، وتوفر لها الحماية القانونية من العنف الأسري بكل أشكاله. وحق التقاضي مكفول بموجب المادة السابعة والأربعين من النظام الأساسي  للحكم، بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة.
2- كما يمكنها أن تلجأ إلى أجهزة غير قضائية  مثل:

- هيئة حقوق الإنسان. 
- الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان. 
- هيئة التحقيق والادعاء العام. 
- لجأن الحماية الاجتماعية. 
- الجهات الأمنية. 

تعليقات القراء

تعليقات القراء