ما بعد اعلان نتائج الثانوية العامة

ما بعد اعلان نتائج الثانوية العامة
2019-07-26
منال كشت
m.z

سما الاردن | تجاوزنا فرح إعلان نتائج الثانوية العامة أمس لمن فرح، وغضبة أهالي من لم يوفقوا من الطلاب، وهي التي باتت أشبه باحتفال كرنفالي سنوي، يدخل الفرحة والسرور في قلب حتى من لا يوجد له أحد متقدم لهذا الامتحان.

مع إعلان النتائج، خواطر عدة داعبت أفكاري، أن إذ تحدثنا عن عشرات الألوف ممن تجاوزوا متطلبات النجاح أمس، ومن سيتبعهم في الدورة التكميلية، هل جامعاتنا مازالت مستعدة لهذه الأرقام ؟ وهل التخصصات المتاحة قادرة على استيعاب هذه الأرقام؟ والأهم من ذلك؛ سوق العمل الذي يعاني سلفاً من البطالة، ماذا هيأنا له ؟

أعلم أنها ليست إشكالية وزارة التربية اليوم أو حتى الناجحين وذويهم، ولكنها تقع ضمن غياب استراتيجية حقيقية متكاملة للدولة؛ فكل مؤسسة تقوم بعملها بمعزل عن باقي المؤسسات، فالمهم على وزارة التربية أن تخرّج، والجامعات تستوعب، ووزارة العمل تقف حائرة، والطلبات تتكدس في ديوان الخدمة المدنية، وتصبح معركة ممثلي الشعب هي التعيينات بدلا من الرقابة والتشريع، مما يعني أننا ندور في حلقة مفرغة، يرمي كل منا على الآخر، ويسعى فقط الى أن "يشيل عن كتافه".

بالعودة الى امتحان الثانوية العامة، الى متى سيبقى الامتحان بشكله الحالي مستمراً؟، طالما نتحدث عن حلقة مفرغة، وعن أسلوب "الجلطة" في إعلان النتائج، ويبقى مستقبل الشاب أو القتاة معلّقا بعلامة رقمية هي ما ستضمن له قبول جامعي، أو قدرة والده على تدريسه خارج القبول الموحد على نفقته في جامعة خاصة ؟ الى متى سنبقى نقيّم الطالب في اثني عشر عاما دراسية، وعام كامل للتوجيهي في ساعتين هي مدة الامتحان؟

كل محاولات التحديث على التوجيهي منذ تأسيسه هي محاولات "ترقيعية" افتقرت للحلول الابداعية، فتارة نجعل الامتحان على فصلين، ثم فصل واحد، ثم نعود للفصلين، ونعود للفصل الواحد لتوفير كلفة الامتحان، وحتى التطور التاريخي في عهد الرزاز كوزير للتربية، كان التحويل من المعدل الى العلامات المطلقة، ولا نعلم أثر هذا التحوّل على العملية التربوية غير تعقيدها على الأهالي وتسهيلها على القبول الموحد.

حتى اليوم لم يتقدم أحد بحلول للثانوية العامة في الاردن إلا الحلول المستوردة لعدد بسيط من المدارس الخاصة، كال  ( IG )  و ال (I B)  ولم نستطع أن نخلق ما يوازيها أردنيا، حتى بتنا أشبه بمن يقسّم المجتمع بين من يملك ويذهب لهذه الأنظمة، وبين من لا يملك ويذهب الى الثانوية العامة.

أما في الامتحان نفسه، والذي سيحدد مستقبل الطالب، هل علينا أن نثق بمن يضع الأسئلة على أي منهج من مناهج القياس والتقويم يضعها؟، هل يستخدم "هرم بلوم" في التقييم أم مزاجية الوزير في نسب الناجحين والراسبين – عذراً أقصد رؤية الوزير - ؟، أم أننا سنبقى نتراجع كل عام عن عدد من الاسئلة لأنها من خارج المنهاج ؟ التصحيح والتدقيق وإدخال العلامات، ومدى دقتهم ؟ هل هي من التابوهات للسؤال أم أنها متاحة ؟ وهل وقت الامتحان كافٍ أم لا، علما أن كل ماسبق هي "أسئلة سنوات سابقة" باتت تقليدية في كل عام.

لا أشكك بدور وجهد وزارة التربية والتعليم وكادرها، وهي من الوزارات التي يشكل فيها البيروقراط قصة نجاح نسبيا، ولكن اليوم بحاجة الى حلول أكبر من وزارة تقبع في العبدلي، بحاجة الى خطة وطنية شاملة يكون التعليم محورها الأساسي، لنخلق جيلا جديدا؛ لا تقليديا .

تعليقات القراء

تعليقات القراء