كتاب “هواجس المدن وتوحّش الواقع” لـ علي السقا يغوص في وجع ما بعد الحرب

أصدر الكاتب اللبناني علي السقا مؤخراً كتابه الجديد “هواجس المدن وتوحّش الواقع”، وهو عمل سردي معاصر يعكس تجارب قاسية وواقعية لمن عاشوا مع آثار الحرب والدمار، وينسج من ذاكرة الناس رواية للعجز، الانكسار، والأمل المحاصر.
يأتي هذا الإصدار في وقت يتصاعد فيه الحديث عن نتائج الحرب على المجتمعات العربية، من نزوح وتشرد إلى فقدان الهوية والإنسانية، لذا يقدم السقا من خلال كلماته محاولة لإعادة قراءة واقع مدن تحطّمت وهجرها أهلها، وكنتيجة، نشوء أجيالٍ تكابد الذكريات والجراح والنسيان.

ما يميز هواجس المدن وتوحّش الواقع
يتميز كتاب «هواجس المدن وتوحّش الواقع» بأسلوبه الإنساني العميق الذي لا يقتصر على وصف الأحداث فحسب، بل يغوص في أعماق النفس البشرية، مستكشفاً جراحها وآمالها وتحدياتها. فالسقا يقدّم للقارئ رؤية صادقة وواقعية لتجارب الناس في مدن عانت من ويلات الحرب، مما يمنح النص بعداً إنسانياً يؤثر في القارئ ويجعله يتفاعل مع معاناة الشخصيات.
كما يتميز الكتاب بسرد متعدد الأبعاد، حيث تتداخل الأبعاد الاجتماعية والنفسية والسياسية لتشكل معاً لوحة متكاملة تعكس واقعاً مأساوياً. فالمدينة، في هذا العمل، ليست مجرد مكان جغرافي، بل هي كائن حي يتنفس ويعاني، وتنقل لنا الرواية صدى ذلك الألم والتحدي.
ويُعرف الكتاب بلغته المكثّفة والحادة، التي تتسم بالبساطة والصدق بعيداً عن الزخارف البلاغية، مما يقرّب الأحداث من القارئ ويجعلها أكثر واقعية وتأثيراً. وبذلك، يصبح «هواجس المدن وتوحّش الواقع» مرآة لواقع مأساوي، يعكس حجم الدمار النفسي والمادي الذي خلفته الحرب على المدن وسكانها، ويعيد إنتاج التشظي في العلاقات الإنسانية.

سياق ثقافي واجتماعي
بعد سنوات من النزوح والدمار، أصبحت كثير من مدن لبنان وغير لبنان تعيش قصتين متوازيتين: مدينة قائمة بأطلال، وسكان مشتّتون لا ينتمون إلا إلى الجرح.
في هذا المناخ، يصبح «أدب ما بعد الحرب» ضرورة — ليس فقط للتوثيق، بل كصرخة وجدانية إنسانية تنبذ النسيان وتطالب بالذاكرة والعدالة.
كتاب علي السقا يأتي في هذا الإطار، ليكون شاهداً صوتياً لمن عاش، وصدى لمن فقد، وجريدة ذاكرة لمن سيأتي.

ولا يقتصر “هواجس المدن وتوحّش الواقع” على قرّاء الرواية، بل هو مناسب أيضاً لمحبي الأدب الواقعي، المهتمين بالدراسات الاجتماعية، والناشطين في قضايا الذاكرة، النزوح، وهوية ما بعد الحرب، بالإضافة إلى كونه مناسب لمحبي الكتابة السياسية، لكونه يرى في المدينة ساحة صراع، وفي النفوس معتقل وفي الحروف شهادة.