علي السقا و «الصعود إلى النهار»: بيروت لم تعد تتسع إلا للكلاب والذئاب
بيروت مدينة لم تعد تتسع إلا لفصيلتين الكلاب والذئاب فيها، يعيش خمسة هاربين من السجن بعد أن أكل الخراب مدينتهم وتمكنوا من الخروج إلى النهار.
من حسن الذي كبر ولم يشبع جوعه للعناق، لكنه ثار على عبودية الوظيفة، إلى سليمان الذي يبحث عن هوية في خضم معاناته من تشوه خلقي، ثم فارس المصاب بمرض في القلب والمحتاج إلى من يرعاه، وصولاً إلى رشدي الذي يتخبط في معركة النقاء ويخسرها، وانتهاء برياض الوحش الذي يقوده الجوع فيقود بقية رفاقه إلى القتل.
هكذا يُعرِّي الروائي اللبناني، علي السقّا، في روايته «الصعود إلى النهار» (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر) القُبح الكامن في المجتمع اللبناني، كاشفاً عن انهيار المدينة الحديثة وتفسّخ روح الإنسان في زمن الفقر والخراب.
من خلال شخصية حسن، العامل البسيط الذي يثور على استغلال إدارة الشركة فيُسجن وتتفكك حياته، يرسم السقّا صورة واقعية قاتمة لعالم تُدهسه الآلة ويبتلعه الظلم. في السجن، تتقاطع مصائر شخصيات منهكة (رياض، سليمان، فارس…) كلّها ضحايا لمدينة تحوّلت إلى غابة. بين بيروت الغارقة في العفن ومدينة الأغنياء المحصّنة «دريمز أند بيوند»، يتجلّى التناقض الطبقيّ الحاد بين من يعيشون الجحيم ومن يحتكرون الفردوس.
«الصعود إلى النهار» رواية لا تمجد البطولة، بل عمل يستنفر حواسنا لمعاينة حياة ومصائر أولئك الذين فرض عليهم التخلي عن حياة الظل في بيروت المدينة الخربة ليصعدوا إلى النهار حيث يتجلى التوحش واضحاً، ونكتشف كيف يعيش الخائفون حين يفقدون آخر أوهامهم بالأمان.
يذكر أن السقا له روايتين سابقتين هما “حيّ السريان” و”باب الصخر” صدرا في بيروت، وكتب في جرائد الأخبار والسفير والمدن لما يزيد على 10 أعوام.
