"كلا" الملك... رسائل ملكية للداخل والخارج

القدس الأردن الملك عبدالله الثاني
2019-03-28
محرر الشؤون المحلية
ض ع

حصري سما الاردن | كلا على القدس، كلا على وطن بديل، كلا على التوطين، "الكلات" الثلاث اطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني يوم الثلاثاء الماضي، اثناء اجتماعه مع رئيس هيئة الاركان المشتركة الفريق الركن محمود عبدالحليم فريحات، بحضور مدراء الأجهزة الأمنية وعدد من كبار ضباط القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

هذه "الكلات" الخارجات بلهجة قوية، ضيقت الخناق على المشككين في الموقف الاردني الذين كانوا يبحثون عن خرم ابرة يعبرون منه الى تماسك المجتمع الاردني حاملين معهم المعلومات المغلوطة والاشاعات والافكار السلبية.

المشككون كان لهم حصة مهمة من خطاب جلالة الملك الذي حمل رسالة للعالم اجمع، مفادها ان ملف القدس كان ومازال وسيبقى خطاً احمراً.

الحديث الملكي في الاجتماع، حمل في طياته رسائل سياسية وعكسرية كثيرة وكبيرة، وعلى الجبهة الداخلية ان تلتقطها قبل الجبهة الخارجية التي يعتقد انها منذ انتشار حديث الملك وهي تبحث وتحلل في كل كلمة للملك وكل جزء في حركة جسده واشاراته.

وبهذا الصدد، يعتقد الخبير في الشأن العسكري جلال العبادي، ان جلالة الملك عندما يريد ان يصبغ على موضوع مزيدا من الاهتمام والجدية فانه يرتدي الزي العسكري.

واضاف العبادي لـ"سما الاردن" انه ومن خبرته في جلالة الملك اثر خدمته بمعية جلالته فان ظهور الملك بالزي العسكري يعني انه لا يوجد مجال للمحاباة او التشكيك او الدبلوماسية.

ويرى ان الملك عندما يجتمع بالقيادة العامة فهو يعطي اوامر بعد ان يستمع لايجازات من القادة، ما يعني ان جلالته اعطى تعليمات واوامر للقادة الامنيين، مشيرا الى ان جلالة الملك عندما يرتدي الزي العكسري فهو يبعث برسائل للداخل والخارج بأن هذه ثوابت نؤمن بها كما نؤمن بعقيدتنا ونؤمن بأن الدفاع عنها شرف لنا.

وعلى الصعيد السياسي، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الاردنية الدكتور بدر الماضي، ان جلالة الملك وباستخدامه لاول مرة مصطلح عدو بشكل مباشر وصريح هو بحد ذاته بمثابة رسالة، وان جلالته استخدم رسائل نفسية وسياسية كبيرة في هذا الموضوع.

ويعتقد الماضي ان لقاء جلالته بالمؤسسة العسكرية والامنية ذو دلالات سياسية وامنية اعتاد الاردن عليها من القيادة السياسية منذ نحو 40 عاما.

ويتوقع الماضي ان جلالة الملك كان يقول ان الوضع السياسي والعسكري بخير، ونحن في الاردن جاهزون، مشيرا الى ان اصدقاء وحلفاء الاردن تستمر علاقات الاردن معهم دام انهم اصدقاء ويأخذوا بالحسبان المصالح الاستراتيجية الاردنية ولكن اذا حاولوا ان يمسوا المصلحة الوطنية الاردنية فان الاردن جاهز للدفاع عن مصالحه الوطنية السياسية والعكسرية والاستراتيجية.

واضاف ان جلالة الملك على ما يبدو وصل لقناعة تامة ان الادارة الامريكية منحازة بشكل تام "لاسرائيل" وهذا ما تفهمه الاخيرة على انه لا يوجد لها اصدقاء وحلفاء في المنطقة، وهذا الفهم الخاطئ للادارة الامريكية و"الاسرائيلية" يجعل الاردن اكثر حرصا على المصلحة الوطنية العليا وعلى فلسطين والتي هي بمثابة التشارك الاستراتيجي والمعنوي بين الشقيقين.

وبين الماضي انه وبالتحليل النفسي والسيكولجي لنبرة صوت جلالة الملك ولغة جسده فالرسالة كانت واضحة بان الاردن لن يقبل بالمساومة على ترابه الوطني وعلى القدس.

وعن الجبهة الداخلية يعتقد الماضي انه لا يمكن لاي سياسة خارجية ان تنجح اذا لم يكن هناك وضع داخلي مستقر، فلذلك اذا ارادت الحكومة ومؤسسات الدولة الاردنية ان يكون موقف الملك الخارجي قوي في مجابهة الحكومتين الامريكية "والاسرائيلة" وفي الدفاع عن المقدسات الاسلامية والمسيحية فيجب ان يكون هناك محاولة لتقوية الجبهة الداخلية من الناحية الاقتصادية وبناء مؤسسات قادرة على حماية المصلحة الوطنية الاردنية وقادرة على ان تعمل وتوظف امكانياتها لتكون داعمة للموقف السياسي.

واشار الى ان الحكومة مطالبة الان بالعمل في الجانب الاقتصادي على تحسين اوضاع الناس بشكل عام حتى يتم قبول اي موقف سيتخذ من قبل صانع القرار السياسي لان القبول الشعبي هو الداعم الرئيس لقرار صانع القرار.

واعتقد الماضي ان الغاء جلالة الملك زيارته لرومانيا على الرغم من العوائد الاقتصادية والاستثمارية التي كانت من الممكن ان تتحقق للاردن تدل على ان اولوية الدولة الاردنية في الحفاظ على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس اخذت حيزا كبيرا وتتقدم على اولويات كثيرة للاردن، مضيفا ان الرسالة كانت لاوروبا وللعالم، بان القدس هي اولوية وكأن جلالة الملك يقول لا تقربوا هذا الملف فهو ملف وطني وقومي بامتياز ولا يستطيع الاردن ان يراهن على سياسيات "اسرائيل" وسياسيات الدول التي تاخذ بالاولويات "الاسرائيلية" ولا تاخذ بالاولويات العربية.

خلاصة القول فأن الموقف الملكي المشرف في الدفاع منفردا عن المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وحجم التأييد الشعبي التي يحظى بها الملك في هذا الملف وغيره، يحتم على الحكومة تحصين جبهتنا الداخلية اقتصاديا وسياسيا، وان نعريّ المتربصين المشككين بالموقف الأردني الثابت.

تعليقات القراء

تعليقات القراء