سعر اللبن

سعر اللبن
2019-07-12
منال احمد كشت
M.B.Y

سما الاردن | كأي أردنية، لم اعد احتمل أي اقتران شرطي بين كلمتي ( رفع وسعر)، فقد وصلنا الى حد الإشباع من ارتفاع جنوني للأسعار، ولم يعد في الجيب ما يكفي ليوم واحد على الأكثر، وبات "خبزنا كفافنا أعطنا اليوم" هو دعائنا الأول عند كل صباح؛ ومرتين قبل النوم أملا في تحسن الأحوال.

الموازنة، صندوق النقد الدولي، عنق الزجاجة، الاردن 2025، معدل التضخم، مصطلحات لم تعد تعنينا كأردنيين، فقد فقدنا الأمل من أي تحسن مقبل، بل ونخشى من المزيد، إن بقي ما نخشى عليه، ومن لا يرَ الواقع الاقتصادي للأسر الأردنية يكون بحاجة الى مراجعة طبيب عيون، وبل أنف وأذن وحنجرة أيضا حرصاّ على باقي الحواس.

اليوم، الأردنيون يترقبون رفعا جديدا لسلعة غذائية أساسية على موائدنا، وهي مشتقات الحليب من الألبان وغيرها، ومن يقود هذا الرفع اليوم هو القطاع الخاص وليس الحكومة، ويتحدثون عم ما يقرب من 25% من الأسعار سترتفع، مما يعني أن نكسة جديدة ستتعرض لها الأسرة الأردنية.

 حملات المقاطعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي انطلقت، وهي حملات أحبذها وأجدها استخدام أمثل في التعبير عن الرأي الجمعي عبر هذه الوسائل بدلا من لغة الكراهية المتداولة، وإن كانت غير مدروسة النجاح والتأثير على الواقع، ولكنها تبقى أفضل من جمعيات حماية المستهلك المكتفية بالتصريحات الصحفية إن صرحت، أو مجلس نواب غير المنعقد لنسمع رأي ممثلي الشعب في هذه القضية.

قبل أن اساهم في " دب الصوت " ورفض قرار شركات الألبان، استمعت الى حقائق أرعبتني، فالقطاع يعمل به من المزارع الى التسويق ما يقرب من 45 الف أردني، منهم 4 الاف عامل مباشرة في المصانع، الشركات تقول اليوم أنها تتعرض لخسائر متلاحقة نتيجة القرارات الاقتصادية للحكومات الأخيرة، مع " قمع حكومي" لهم بعدم رفع الأسعار، وعلى ذمتهم فإن كلف الانتاج بلغت اليوم 105% من السعر المعروض، وبالمقابل منحت الحكومة تسهيلات للمستورد - بحسب وثائق نشرتها رؤيا – لتكون الضريبة عليهم 4% وللمحلي 10%، بينما كانوا عرضة لقرارات ضريبة الدخل والتي وعدت الحكومة بنظام حوافز للصناعيين ولم تلتزم بوعدها فيه، ولم تقدم لهم أي تسهيلات ولا حتى في سعر الكهرباء، مما يعني أن كُلف مدخلات الانتاج باتت مرتفعة، أي أن القطاع مهدد بالخسارة والإغلاق.

لست مساهمة في أي من شركات الألبان، ولا ممولة منهم – يا حسرة – ولا أعرف أي شخص فيهم معرفة شخصية، ولكني اليوم أنظر الى المشهد بكلّه، أن قطاع اللألبان اليوم أعلن التمرد وقرر رفع السعر، ماذا عن القطاعات الأخرى ؟ ومتى ستتحرك؟ المواطن أنّ من الرفعات الحكومية المتتالية، واليوم القطاع الخاص سيبدأ الرفع من جهته بعدما انتظر التعهدات الحكومية ولم يتحقق منها شيئ، وهو ليس مضطرا على العمل بخسارة، ولا إعطاء رواتب بلا نتيجة، ولا دفع ضرائب دون مقابل من الخدمات والتسهيلات.

أخشى أن كافة القطاعات بدأت تترنح، وأن شركات الألبان قرعت الخزان الفارغ نيابة عن القطاع الخاص، وهي ترى أشكالا وألوانا من التسهيلات تقدم بحجة الاستثمار للأجنبي، ولا يقدم لها الا زيادة في كلف الانتاج والضرائب.

أحسنت وزارة الصناعة والتجارة بتشكيل لجنة لدراسة الكلف على شركات الالبان لتحديد الأسعار المنطقية، وإن كان ادعائها بأنها تخسر غير حقيقي فليتحملوا نتيجة ادعائاتهم أمام الرأي العام، وإن كانت تخسر فلتتخذ الحكومة قرارات بمساعدتهم أسوة بالمستورد، فالقطاع الخاص ليس خصمنا ولا عدونا، بل عنصر اقتصادي أساسي  ومشغّل لأبنائنا وبناتنا.

تعليقات القراء

تعليقات القراء