زيد ابو زيد يكتب : وزير في حجم وزارة

زيد ابو زيد يكتب : وزير في حجم وزارة
2020-09-22
ن.ب

عندما نفكر بحجم الإنجازات لأي مؤسسة لا بد من أن نأخذ بعين الاعتبار حجم هذه الوزارة وامتداداتها في المجتمع وحجم تأثيراتها وتعقيدات التداخلات بين مكونات المجتمع وهذه المؤسسة، وهنا تكون المقارنات إلى حدٍ بعيد غير عادلة بين وزارة وأخرى وبين وزير وآخر. من هنا كانت وزارة التربية والتعليم دائما مظلومة، وكانَ وزيرها حتى وهو يراوح بين الحزم والعزم مظلوم.
في العشرية الأخيرة مرت وزارة التربية والتعليم بين مد وجذب، وتعاقب عليها وزراء عدة ، وتراوحت سماتهم وإنجازاتهم وتحليل عطائهم بين كاتب ومقيم وناقد ، ولكن لا شك في أن الاستاذ الدكتور تيسير النعيمي يدهشك بعلمهِ ومثابرتهِ وفعلهِ على الأرض وتملكه لمهاراتٍ قل أن تجد لها مثيلاً في حكومات التكنوقراط فكيف في حكوماتٍ شُكِلت في دولة نامية لا زالت تشق طريقها في منطقة تتقلب على صفيح ساخن.
إن الأحداث العظيمة تفرز الرجال وتعجم عودهم، وكان لجائحة كورونا الأثر الأعظم في إظهار كفاءات رجال السلطة وقدراتهم ومهاراتهم في معترك أعجز العالم، فكيف بدولة يقوم اقتصادها في جانب كثير منه على الإنسان ومهاراته وعلى قطاع الخدمات ليس أكثر.
لقد كان للدكتور تيسير النعيمي وهو الوزير النشط في حكومة الرجل الإنسان وصاحب العقل الكبير الدكتور عمر الرزاز أثر كبير في تجاوز أزمة التعليم التي صاحبت جائحة كورونا، وكانت المفاجأة أن زاوج بين تجاوز أثر الجائحة تعليميا بالحفاظ على حق الطلبة في التعليم كما كفله الدستور والعهود الدولية وتطوير النظام التعليمي والدفاع عن سمعة الوزارة وهيبتها في وقت واحد وهي مهمة تعجز الرجال الرجال، ولكن حصافة الدكتور النعيمي وفكره وحزمه وعزمه جعله يتجاوز هذه المطبات معا فكان النتاجُ كبيرًا وتشكلت معه صورة جديدة لوزارةٍ أثقلتها أزماتٌ عدة في السنوات الأخيرة.
في وطنِ الورودِ والسوسنِ والشيحِ والقيصومِ قائدٌ عظيمٌ ملهمٌ خطَّ لجيلٍ بأكملهِ خارطة طريق للعمل، وامتلك إرادة التغيير وبثها أوراقا نقاشية عدة، وكان لكل مجتهد أن ينهل منها، ومن الإنصاف أن نقول أن الدكتور تيسير النعيمي الذي واصل ليله بنهارهِ في أيامٍ سرمدية أرهقته من دون انتظار لنيشانٍ أو تكريم؛ فكان يوجه ويطور ويبث روح التجديد في نظام تعليمي أثقلته التقليدية؛ فكانت الرحلة اليومية الممتدة إلى أطراف صباح اليوم التالي بين زيارة ميدانية يتفقد فيها كل مرفق ومدرسة وكل ورشة وتدريب إلى الجلوس مع المعلمين المبدعين والطلبة النابهين إلى اجتماعات مع المانحين ومنظمات التعليم، فكانت الإنجازات تتوالى كل يوم بشكل جديد بالرغم من استعصاءات نقابية وسياسية عدة.
وبقلب المؤمن وخبرة العالم وحب الوطن، والإخلاص لمليكه المفدى ووطنه الأغلى وشعبه العظيم انبرى لكل ما يمكن أن يوصل السفينة التربوية إلى بر الأمان، فجعل يَدرس ويمحص ويبحث لوضع السياسات الكفيلة بأن تغدو الوزارة شجرة وارفة ثمارها زكية تنهض بالوطن والمواطن، وتضع البلد في مصاف الدول المتقدمة، فأصلح ووضع ما يمكن أن يوضع في نصابه وما زال مثابرًا على الإصلاح والتغيير، ثم عمد إلى فاعلية الحصة الصفية وربطها بالجوانب التطبيقية والتكنولوجية التفاعلية، فأحدث فيها ثورة معرفية، وإلى الشراكة المجتمعية فغرس فيها روح العمل، غير ناسٍ ضرورة إحداث نقله تربوية في المفاهيم تستند إلى أركان توعوية اقتصادية وسياسية واجتماعية لإعادة صياغة الخطاب بما ينسجم وتعقيدات المشهد العالمي والاقليمي والوطني في ظل الإمكانات المادية وحالة الوباء المستشري، مع إعادة النظر جديا بطرائق التعليم وطريقة الاستفادة من وسائل الثورة المعلوماتية علميًّا وتوجيهها في اتجاهها الصحيح، فقد كانت المعالجات في السابق انتقائية.
إنك عندما تجلس مع وزير التربية والتعليم الأستاذ الدكتور تيسير النعيمي تعرف أنك أمام قامة علمية تربوية فذة، يأسرك بحديثه الرصين وتفكيره العميق، وتجد نفسك حريصا على أن تسمع أكثر من حرصك على أن تتكلم؛ لأنك أمام عالم فهيم ذي نظرة ثاقبة، يستشرف المستقبل بخبرة الماضي والحاضر، ووزير قاد التعليم في مرحلة حرجة ودقيقة حتى أوصله إلى بر الأمان، مثبتا أنه ربان بارع، وقائد ضالع، جمع بين العلم والعمل والتجربة والخبرة الواسعة ونادرا ما تجتمع هذه الصفات في شخص واحد في مركبة التربية والتعليم. وهكذا وبحنكة الخبير وبالحوار والمنطق استطاع أن يضع لكل ذلك خطة طريق إصلاحية مؤسسية، والأمل معقود على معاليه للاستمرار بالإصلاح ووضع القوانين التي تنظم التعليم وتصلحه إنصافًا للمعلم والطالب داعين للوزير المثابر الذي واصل الليل بالنهار عملاً وانجازاً وفكرًا ومعرفة التوفيق والسداد والنجاح في خدمة وطنه وأمته وقائده. والله من وراء القصد.

تعليقات القراء

تعليقات القراء