رمضان كريم

رمضان كريم
2019-05-09
لارا علي العتوم
ض ع

خاص سما الاردن | عرفت المحسوبية منذ القدم؛ فهي في علم الاصطلاح اعتبار القرابة العائلية أو السياسية أو المذهبية في تحقيق مصلحة ما؛ بجعل القرابة او النسب في المقام الأول عند إسناد الوظائف أو الترقيات أو غيرها، بما يضمن منفعة الناس اي توكيل المهام لذوي الاختصاص والكفاءات، أوجب الإسلام نفع الناس والسعي في حاجة الآخرين وقضائها، بل جعل نفعهم من أحب الأعمال.

لا ندري ان كان مفهوم المحسوبية قد تغير او تطور، فبعد ان كان من المتعارف عليه ان المحسوبية بمثابة البوصلة التي قد تدلك على أصحاب الكفاءات إلا انها أصبحت تُصنف ضمن الفيتامينات الأكثر فاعلية في المجتمع؛ و أكثرها فاعلية للفرد وابتعدت عن مفهومها الحقيقي بأن لا تكون على حساب الآخرين، بل لمن تعلم أحقيته بذلك الأمر، وألا تكون فقط لصاحب جاه أو مال أو القريب، فأصبحت كلمة المحسوبية في المجتمع تعني الظلم والجَور، وأَخْذ حقوق الآخرين، وقد انتشرت في مجتمعاتنا حتى أصبحت من المظاهر التي نراها في كل مكان، وثقافة تربى عليها أجيال منا بل ولها أدواتها؛ مما جعل لها تأثيرا سلبيا على المجتمع فهي السبب الاول بحصول أشخاص على فرص سانحة لا تتسنى للذي ليس لديه واسطة مما أنتج احباط المبدعين او المتفانين في عملهم، العديد اعتبر ان المحسوبية السلبية دليل على ضعف القانون او هشاشة التواصل او سلوك مجتمع ساهم الجميع في تكوين ثقافته نتيجة تراجع القيم، علما بان القائمين عليها لا تنعدم التبريرات لديهم ويجهزون الردود لكل شيء حتى لو كانت غير منطقية.

الصراع بين المحسوبية الحسنة والمحسوبية السلبية (سلطة المحسوبية) قديم كالصراعات بين النازية والإمبريالية وغيرها ولكنه ارتفع وزاد في وقتنا حتى اصبح الناس يشعرون بها اكثر من القانون مما انتج حالة من الإحباط العام، حتى ان أفلاطون الذي أقر الطبقية إلا أنه يُجرم سلطة المحسوبية/ المحسوبية لمنع فيما يُعرف باسم التحجر الطبقي، فنراه يقسم المجتمع إلى ثلاث طبقات في جمهوريته التي لم تر النور بعد، طبقة للأمراء وهم الأعقل والأحكم فكراً، وطبقة للجند والجيش وكبار الصناع وهم المتحكمون في الحراسة والاقتصاد وطبقة ثالثة تضم عامة الشعب، وكى يقنع أفلاطون الناس بقبول هذا التقسيم لجأ إلى كذبة فينيقية قديمة مفادها أن الله خلق طبقة الحكام من معدن الذهب، وخلق طبقة الجند من معدن النحاس، وخلق طبقة العامة من الحديد  وأن على كل طبقة أن تؤدي وظيفتها لأجل استرضاء الآلهة. ما نراه من المحسوبية الان مرفوض دينيا واخلاقيا وفلسفيا ونسأل الله ان لا نبتعد كثيرا عن المحسوبية الإيجابية ... ورمضان كريم.

تعليقات القراء

تعليقات القراء