حلول لضمان حق الدائن

حلول لضمان حق الدائن
2019-08-16
منال كشت
M.B.Y

سما الاردن | حتى لا نتهم نحن المدافعين عن حبس المدين أننا نقفز في الهواء، فإنه علينا أن نسعى أيضا لضمان حق الدائن من أي محاولة نصب واحتيال، أو ضياع لحقوقه، من هنا ومن خلال متابعتي الشخصية للنقاشات في هذا الملف الجدلي،  وجدت أن عدداً من النقاط تصلح لكلمة السواء، إذا كنا نؤمن أن الأصل في العقوبة الردع وليس إيقاع العقوبة ذاتها.

من الحلول المقترحة التي وجدتها ممكنة في حالة الموظف الحكومي المستدين إمكانية الحجز على ثلث رابته بما انه راتب من خزينة الدولة، وهذا كفالة لوحدها لضمان حق الدائن، والدليل أن الموظف الحكومي هو الأقل تعقيداً في معاملته البنكية للقروض، نتيجة استقرار راتبه، فهل الحبس هو الحل لسداد قرضه أم التخاطب مع مؤسسته لاقتطاع جزء من راتبه؟، علما أن الحبس هو قطع رزق من الوظيفة الحكومية إن تجاوز العشرة أيام، مما يعني تعقيد أكثر في المعادلة، وضياع أكبر لحق الدائن في حال ضياع رزقته، وهذا الحل ينطبق أيضاً على المتقاعدين العسكريين والمدنيين ومتقاعدي الضمان، فما الفائدة من حبسهم بحال ان كان راتبهم أصلا موجود بين يدي الحكومة؟

القطاع المهم الآخر الواجب التعامل معه هو قطاع التجار، خصوصا أنه الأكثر تداولاً بالذمم المالية، فليس الحل هو حبسه وتعطيل مصادر رزقه، بل يمكن  يتم تقييد الحرية من خلال منع السفر، وإيجاد آلية لمنع تداولاته المالية لحين تسوية أموره.  

أما متعمدي الاحتيال والممتنعين عن الدفع، وهم الحجة الأبرز للمدافعين عن حبس المدين، فمن الممكن عدم تمسك القاضي بحبس التسعين يوما وهي ضمن صلاحيات القاضي - حيث نص القانون على أنه من اسبوع الى تسعين يوما- مع الأخذ بعين بالاعتبار العمر وإعالة العائلة، وعمر وعدد الابناء.

ومن الممكن أيضا المتابعة مع وزارة العدل توجهها نحو تطبيق العقوبات البديلة  بما يسمى "الإعدام المدني"، متل عدم منحه رخصة سواقة أوعدم منحه ترخيص منشأة ومنعه من السفر والحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة والأسهم والسندات، مما يجعله حبيساً داخل المجتمع وليس داخل اسوار السجون، فيتمكن من سداد دينه براحة دون تعقيد.  

الاتفاقيات الدولية تنص على استنفاذ كل الوسائل قبل اللجوء الى الحبس، وهذا منطقيّ، ومن الممكن معاملته كتعامل الحكومة مع المتهربين ضريبيا، فلماذا تتعامل الدولة مع تحصيل حقوقها مع الأفراد بالإعدام المدني وتتعامل مع حقوق الأفراد مع الأفراد بالحبس؟؟ 

الفكرة مما سلف، أنه يمكن تطبيق عقوبات أشد من حبس المدين، تجعل الدائن يضمن حقوقه، والمدين يسعى لتحصيل ما عليه من التزامات خشية منها، وهي ليست حلولا معقدة، بل تستخدمها البنوك أصلا من جهة، والحكومة من جهة أخرى، وهي من تملك حق تجميد الراتب للمتأخر عن إقراره الضريبي، وتملك حق مخاطبة المؤسسة مباشرة، كما أن القضاء يملك صلاحيات واسعة، أعتقد أنها أهم من حبس المدين.

العدالة تبقى في السماء، ولكن التشنج في الحقوق والتطبيق يضيع حقوقا أكثر في بعض الأحيان.

تعليقات القراء

تعليقات القراء