برنامج خدمة العلم .. تأجيل أم الغاء؟

برنامج خدمة العلم .. تأجيل أم الغاء؟
2020-10-04
ن.ب

سما الاردن | في الوقت الذي اكدت فيه وزارة العمل ان قرار القوات المسلحة هو تأجيل تطبيق برنامج خدمة العلم وليس الغاؤه قال خبراء ان البرنامج ممكن ان يلغى فهو بحسبهم غير قابل للتطبيق.

وقال الناطق الاعلامي باسم الوزارة محمد الزيود ان تأجيل موعد مراجعة المكلفين بخدمة العلم للمركز العسكري للتجنيد بسبب الظروف الصحية والمتعلقة بازدياد حالات الإصابة بفيروس كورونا ولم ينف الزيود امكانية الغاء البرنامج باكمله على يد الحكومة الجديدة المتوقع تشكلها الايام القليلة المقبلة.

وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة اعلنت عن تأجيل موعد مراجعة المكلفين بخدمة العلم للمركز العسكري للتجنيد والتي كانت مقررة لجميع المحافظات خلال الفترة من (٤–٢٩ ) / ١٠ / ٢٠٢٠ إلى إشعار آخر بسبب الظروف الصحية الراهنة والمتعلقة بازدياد حالات الإصابة بفيروس كورونا، مشيرة ً الى انها ستعلن عن المواعيد الجديدة لاستقبال المكلفين بخدمة العلم لاحقاً.

ويرى الامين العام لوزارة العمل الاسبق حمادة ابو نجمة ان تأجيل تطبيق البرامج من الممكن ان يكون بداية لالغائه وقالوا انه لا بد من التراجع عنه فهو بحسب رأيه صعب التطبيق فلابد من تغير منهجيته واعتبر ان تأجيل تطبيقه يعطي فرصة للحكومة الجديدة لمراجعة المشاكل والتحديات التي تواجهه.

وقال ان منهجية برنامج خدمة العلم يجب ان تتغير بحيث يكون اما الزاميا للجميع ونكتفي بالتدريب العسكري او يكون اختياريا لمن يرغب كما كان برنامج خدمة وطن.

واضاف ان برنامج خدمة العلم بشكله الحالي يكرس التفرقة بين فئات المجتمع وذلك ان غير المقتدر على التوجه للدراسة او للعمل سيلتحق بالبرنامج مشيرا الى ان الفئات الضعيفة هي التي ستلتحق بالبرنامج دون غيرها.

واشار الى احد بنود البرنامج هو الزام المشمولين به بالعمل لدى القطاع الخاص بفترة التدريب باجور منخفضة وذلك يتنافى مع معايير العمل الدولية التي تحظر العمل الالزامي مهما كانت اسبابه.

واكد ان فترة البرنامج طويلة نسبيا فيجب ان تقتصر على تدريب عسكري لمدة قصيرة ويشمل جميع الشباب دون استثناء وهم على مقاعد الدراسة بالتعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية الاخرى بحيث ينفذ ضمن مساقات التعليم الجامعي ومؤسسات التعليم الاخرى على مدار السنة. وقال ان البرنامج يجب ان يرتبط بالتشغيل وتوفير فرص عمل في القطاع الخاص الأمر غير المتاح حاليا خاصة ان هذا القطاع يعاني ازمة اقتصادية ولا يستطيع استحداث فرص عمل.

وقال ان الحكومة اعلنت أن من شروط الإعفاء من الخدمة أن يكون الشخص (مشمولا بالضمان) أو يثبت (عمله بانتظام خلال السنة الأخيرة التي تسبق تاريخ الإستدعاء بغض النظر عن الاشتراك بالضمان الإجتماعي)، أو أن يكون (شريكا في شركة مسجلة أو مالكا لمؤسسة فردية مسجلة لدى الجهات المختصة فعالة خلال السنة الاخيرة التي تسبق تاريخ الاستدعاء).

وهذه الشروط تؤكد عدم الالتفات إلى الفئة الواسعة من الشباب التي تمارس أعمالا لحسابها الخاص ودون تسجيل أو في مؤسسات غير مسجلة، وهو أمر سيؤدي إلى فقدانها لفرص عملها ومصادر دخلها لمدة سنة على الأقل في ظروف صعبة تعاني فيها معظم الأسر من فقدان وظيفة معيلها أو انخفاض أجره، وفي وقت يتوقع أن تتزايد فيه حجم هذه المشكلة مع تصاعد عدد الإصابات بكورونا وتوقعات انهيار عدد كبير من المؤسسات.

فالأصل أن يكون دور الدولة في مثل هذه الظروف العمل على حماية الفئات الضعيفة والأكثر هشاشة وتعرضا للضرر وليس التضييق عليها، وبشكل خاص توفير سبل المعيشة الكريمة لهم من أبواب متعددة وتمكينهم من فرص العمل وتعويضعهم عن فقدانها، وقد بينت الحكومة عند إعلان البرنامج أنه يستهدف (تأهيل الشباب لتمكينهم من الدخول إلى سوق العمل بكفاءة واقتدار)، وأن البرنامج يأتي (في وقت ارتفعت به معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة وهذا متوقع بسبب الظروف الاقتصادية والصحية التي ألمت بالعالم بأسره)، وعليه وبما أن موضوع الحد من البطالة هو من الأهداف الرئيسية للبرنامج فمن باب أولى أن تتم فيه مراعاة الحفاظ على وظائف الشباب وفرص العمل التي يشغلونها بغض النظر عن صفة هذه الوظائف إن كانت منظمة أو غير منظمة.

في ظل هذه الحقائق سيواجه البرنامج صعوبات جمة في هذه النقطة (تحديد الفئات غير العاملة)، حيث سيكون تقييم الحالة مرتبط بقناعات شخصية لصاحب القرار، ما سيتسبب في فوضى تنظيمية وتعرض العديد من الشباب وأسرهم للظلم نتيجة فقدان أعمالهم فيما لو تم إلزامهم بالالتحاق بالخدمة بسبب عدم قدرتهم على إثبات عملهم.

واكد ان الفرصة قائمة لتصويب مسار البرنامج، إما بأن يكون اختياريا لمن يرغب خاصة وأن القدرة الإستيعابية للبرنامج محدودة ولن يستطيع استيعاب الجميع، أو بأن يصبح البرنامج إلزاميا للجميع دون أي استثناء ويقتصر فقط على التدريب العسكري ولمدة قصيرة (شهر مثلا)، ثم يتاح لمن يرغب أن يستكمل البرنامج المهني في مساقات يتم التفاهم عليها مع القطاع الخاص بشرط أن تنتهي بالتشغيل.

من جانبه دعا مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية احمد عوض الى الغاء برنامج خدمة العلم بالصيغة التي أعلنتها الحكومة مؤخرا، وليس فقط تأجيله الى اشعار آخر، لانه يتضمن تمييزا على أساس الثروة. وقال ان البرنامج يعد أحد أشكال العمل الجبري مشيرا الى ضرورة اجراء نقاش إعادة تفعيل خدمة العلم الذي أعلنته الحكومة الأسبوع الماضي لمكافحة البطالة التي ما زالت تتفاقم بشكل مقلق الوقوف أمام موضوعين مختلفين، كل واحد منهما يتطلب زاوية نظر مختلفة.

وقال إبقاء نموذج خدمة العلم يحرم مئات الاف الشباب الذين ينتمون الى فئات اجتماعية من الشرائح المتوسطة والعليا من الطبقة الوسطى الى جانب أبناء الطبقة الغنية من الانخراط بهذا المسار، في الوقت الذي لا تقل حاجات أبناء هذه الفئات الاجتماعية في اكتساب هذه الخبرات والمهارات والقيم عن حاجات أبناء الفئات الاجتماعية الفقيرة محدودة الخيارات.

واضاف انه غير المتوقع أن تسهم خدمة العلم بالتخفيف من البطالة ومنع تفاقمها حيث ان الشق المدني المقترح بعد انتهاء التدريب العسكري سيؤدي الى توفير «عمالة رخيصة» للقطاع الخاص لعدة أشهر، وهذا يمكن أن يدخلنا في ممارسة «العمل الجبري» بشكل ممنهج، وسيؤدي الى انسحاب الشباب من سوق العمل بعد انتهاء الفترة المخصصة، وستبقى البطالة عند مستويات عالية تهدد الاستقرار الاقتصادي.

وكانت الحكومة أعلنت في 9 سبتمبر 2020 عن أن بدء خدمة العلم سيكون باستدعاء 5 آلاف شاب من مواليد 1995 للعام الحالي، و15 ألفا للعام المقبل.

المصدر: الرأي

تعليقات القراء

تعليقات القراء