السجون في زمن كورونا

السجون في زمن كورونا
2020-03-03
خالد عياصرة
ن.ب

خاص سما الاردن | لا أحد يذهب إلى السجن برجليه، لكل سجين حكاية يرويها، بعضهم سار درباً لم يلق خلاله توجيه، ما زاد عمق أزمته، بعضهم دخل السجن ظلماً، وكم من مظلوم يقبع خلف القضبان لأن المحامي كان ضعيفاً أو نصاباً، والقاضي متزمتاً لا يرحم، كم من سجين دخل السجن بتهمة بسيطة، فصنعت منه مجرماً لاحقاً.

المنطق يقول بالضرورة منح فرصة ثانية للاندماج للسجين مع المجتمع.

في الأردن خمسة سجون والعديد من مراكز الإصلاح والتأهيل والتوقيف والمخافر، تضم أكثر من 17 ألف سجين، ما يفوق طاقتها الاستعابية، تبلغ تكلفة السجين شهرياً 700 دينار، ما يشكل ضغطاً على ميزانية الدولة ومديرية الأمن و الأسر و المجتمع. 

حالياً ثمة أزمة في الأردن تطال الجميع، ترتبط بفيروس كورونا، وبما أن السجون في حالة اكتظاظ، فالأولى التخلص من الاعداد الزائدة عن سعة السجون.

 في ايطاليا يتم اسقاط ثلاثة أيام عن كل كتاب يقراءه السجين، على أن لا تتعدى 50 يوماً سنوياً، في البرازيل تخفض العقوبة أربعة أيام عن كل كتاب يقراءة السجين،

أعتقد أن مديرية الأمن العام حالياً تمتلك الإرادة لتفعيل الافكار، سيما وأن في كل سجن أردني مكتبة. 

 واجزم أن الدولة تستطيع إيجاد عقوبات بديلة للسجن توجه لخدمة المجتمع يؤدي السجين خلالها وظيفة مجانية في  مؤسسات الدولة مقابل إطلاق سراح مشروط.

 كما يمكن الاستعانة برجال الدين، واصحاب الاختصاص النفسي والمجتمعي، لإعادة تأهيل السجناء، و تجريب ريادة الأعمال داخل السجون، بحيث يُربط السجناء مع الشركات لتشغيلهم حال خروجهم.

وعليه، لنا يا لا تسقط العقوبة البسيطة عن سجين كان امياً، وتعلم القراءة والكتابة داخل السجن الا يمثل ذلك قيمة فضلى لمديرية الأمن العام، أليس من الجميل أن تسهم في إعادة خلق إنسان جديد، لنأخذ مثلاً سجناء القروض متناهية الصغر، المشاجرات، الحق العام.

لا شك بعض السجناء ذهبوا باتجاه الجريمة لأنهم لا يتقنون مهنة يجنون من وراءها لقمة عيشهم، من الممكن إعفائهم بعد تعلم مهنة جديدة من العقوبة، بحيث تساعدهم حال خروجهم. 

من الممكن اعفائهم، من أشهر أو سنوات، في حال تقدم السجين لدراسة الثانوية العامة ونجح في اجتيازها، أو الدراسات العليا. من الممكن تحفيز من يحفظ القرآن الكريم داخل السجن، أو من قرر ترك الدخان والمشروبات الروحية وتعاطي المخدرات. 

تستطيع إدارة السجون توجيه السجناء أصحاب الإختصاص لتدريب الآخرين على مهن جديدة.

 كما تستطيع مديرية الأمن العام منح ذوي الأحكام البسيطة مساحة للحركة والعمل خلال الأسبوع خارج السجن، وفي نهايته يعودون اليه لاستكمال عقوبتهم، ما يساهم في تقليل عدد السجناء، وتمنع من انهيار الأسر. 

هذه الافكار تقلل من نسبة جرائم، وتوفر على خزينة الدولة مالياً واقتصادياً، ومجتمعياً، وامنياً، وصحياً، بحيث تصوب تفكيرها باتجاه إيجابي يخدم اولوياتها، ويحول دون قلقها الدائم من القادم، يقول برنارد شو " أكثر الناس قلقاً هو السجان".

من الممكن أن نتقدم خطوة للأمام، لاستعادة الكثير من أبناء الأردن، إذ لا جدوى أو قيمة من ابقاء الكثير يصارعون ظلمة السجون جراء قضايا عالجها العالم باستحداث عقوبات بديلة، نتائجها أكثر قيمة من السجن وعقوباته.

يقول الروائي أنطون تشيخوف: «ليس السجناء وحدهم هم الذين يكتسبون خشونة وتشددًا؛ نتيجة العقاب البدني الذي يتعرضون له، ولكن أيضًا كل من شارك في تنفيذ هذا الفعل أو شاهده». 

تعليقات القراء

تعليقات القراء