الثوابت السياسية المستجدة

الثوابت السياسية المستجدة
2018-12-27
محمد مشرف
ن.ب

المتابع اليقظ لمجريات الأحداث السياسية خلال العقدين الماضيين يلاحظ ما يلي :

أولا: الولايات المتحدة كدولة شكلت أحادية عالمية القطب إثر إنهيار الاتحاد السوفياتي فبادرت لاحتلال أفغانستان والعراق وقادت هجوم الإخوان  ، على منطقة الشرق الأوسط بعنوان الربيع العربي وبتعاون دول حلف الناتو  لكنها منيت بخسائر بشرية واقتصادية (7 ترليون دولارا) وسياسية هائلة مما أصاب الإدارة الأمريكية بالاضطراب والخلافات وبدء الانسحاب العسكري من مناطق مختلفة- رغم تبجح ترامب بالأمس أنه قد يستخدم قواته في العراق  للعمل في سوريا- وكنتيجة لما سبق تلاشت أحادية القطب وظهر ذلك جليا في الحرب على سوريا حيث برزت روسيا قطبا عسكريا مفترسا وبداية تحلل القطب الأوروبي من الهيمنة الأمريكية كقطب مستقل مما دفع أمريكا لمحاولة تفكيك دول الإتحاد تدريجيا.

ثانيا: انتهاء وتلاشي مشروع إيزنهاور (الفراغ في الشرق الأوسط 1957)

حيث تم تحطيم السياسة الاستراتيجية الأمريكية في مصر وسوريا وليبيا والعراق واليمن وشعور دول الخليج بالابتزاز الأمريكي مما دفعها للتراجع عن مواقفها السابقة تجاه سوريا باستثناء قطر وتنصل محمد بن سلمان بأن لا ذنب له او لأبيه الملك سلمان بالهجوم على سوريا بقوله ( تركة ورثناها عمن سبقنا ) وبرز هذا الموقف برسالة حملها عمر البشير للرئيس بشار الأسد باستعداد السعودية ودولة الإمارات للمساهمة بإعادة إعمار سوريا.

ثالثا: بروز حلف مقاوم للتوجهات العدوانية لحمته وسداته سوريا ولبنان والعراق مدعوما من روسيا والصين كحليفين دوليين وإيران كحليف إقليمي ويحظى هذا الحلف بقبول ودعم شعبي ،  مع ان عددا من حكام بعض الدول العربية مازال ما بين تابع أو مناور تجاه السياسات الغربية.
رابعا: وسط هذه الأحداث العسكرية والسياسية جرى تراجع اقتصادي مرعب ناجم عن سياسة الخصخصة وما رافقها ونجم عنها من فساد غير مسبوق الأمر الذي أدى إلى تركز ثروات البلدان بأيدي فئات طفيلية متنفذة مما أدى لتحطيم الطبقة الوسطى وسحق الطبقة الفقيرة وما واكب ذلك من مديونية متدحرجة وغلاء أسعار وتصاعد ضرائبي الامر الذي خلق موارا شعبيا على شكل حراكات مستمرة قد تتطور إلى ثورات شعبية ليست على غرار ربيع فوكوياما وكوندا ليزا وبرنارد ليفي.

خامسا: الرئيس التركي أردوغان وحزب إخوانه لن يستطيع المس بشبر واحد من الأرض السورية حتى وإن دخلت عساكره بعض المناطق فهناك قوة إقليمية ودولية جاهزة لصده وليس لتركيا مصلحة بالدخول في صراع معها .
هذه مؤشرات لكل سياسي أعمى أو مصاب بالعشاء البصري لا يرى أو أن هناك من يريد  منعه من الرؤية.

تعليقات القراء

تعليقات القراء