الأردن قادر على إنجاح المشهد الانتخابي في ظل كورونا

الأردن قادر على إنجاح المشهد الانتخابي في ظل كورونا
2020-06-14
د.حازم قشوع
ن.ب

سما الاردن | تنتظر المجتمعات الديموقراطية ، الانتخابات لغايات المشاركة والتعبير ، لما لهذه الانتخابات من معان قيمية عند هذه المجتمعات ، مرتبطه بقيم المواطنة والوطنية ، و التى لها علاقة بحقوق المواطن وواجباته الدستورية ، كما ان المشاركة الانتخابية تعتبر ثيرموميتر القياس الذى يقاس معه منسوب الرابط العضوي القائم بين الفرد والمجتمع والنظام ، حيث يتم قياس درجة الاستجابة ، وحجم التفاعل ومقدار الثقة ، وهي العناوين الثلاثة التى تعزز من عامل الثقة وتوثق من الرابط المجتمعي وتحقق اهداف المنعة وتجذر من قيم الولاء وتعظم من درجات الانتماء.

فالمجتمعات المدنية المتلونة بالوان الطيف السياسي التعددي تشارك بفاعلية انتخابية اكثر من غيرها ، فكلما علت مستويات المشاركة كان المجتمع اكثر تفاعلا وانتاجا ، وافضى الحراك الانتخابي نتائج ايجابية فى تميز العمل عبر حسن التمثيل ، للدفاع عن مصالح الطيف الممثل ، لذا تحرص المجتمعات من خلال التيارات المشاركة للاعداد لهذه الانتخابات بالتحضير والتحشيد ، وهذا يتاتى من خلال وضع التصورات المناسبة وايجاد الرسالة الفارقة وفريق العمل المناسب وذلك للدخول فى المعترك الانتخابي .

فالانتخابات عند المجتمع الديموقراطي الاردني كما الاعراس عند الشباب يلزمها الكثير من التحضير والاستعداد المالي واللوجستي كما ان التيارات السياسية المشكلة للنهج الانتخابي عليها واجب وضع الخطط التنفيذية بهدف اخراج المشهد العام بالحالة المستحقة المضمون الانسب، لذا تجد روح الابتكار حاضرة فى الحملات الانتخابية وقوة التحضير متوفرة في مسلكياتها ، هذا اضافة الى مناخات الاندفاع والنشاط والذى يسبق عادة العملية الانتخابية من خلال حملات انتخابية يتم تصميم نماذج اركانها ، وتشييد قواعدها وتنظيم هياكلها التقنية والميدانية وفقا للبيئة والظرف الملائم ، وهذا ما يعرف عادة بالحملات الانتخابية .

ولان الحملة الانتخابية هى علم قائم بذاته ، فان التعاطي معها لابد ان يستند على اسس علمية ، واليات عمل لا تقوم على الفزعة النمطية التى تهدر الوقت ، وتنفق اموالا فى غير مكانها كما قد لا تحقق النتائج المرجوة ، فالحملات الانتخابية كلما كانت مدروسة حملت نتائج مرضية ، وتكاليف اقل ، ونماذج عمل تضيف للمشهد العام حركات داعمة ومحركات منشطة ، وشكلت معها مناخات افضل للحملة الانتخابية وعناوينها ، وهذا ما سيؤدي الى ايجاد درجة الانطباع المستهدفة الجاذبة لصناديق الاقتراع وعمليات التصويت وبالتالي يتم حصد نتائج اعلى فى عمليات المشاركة ودرجة التفاعل مما ينعكس على درجات القياس التنموية وميزان الثقة .

ولان الحملة الانتخابية هى منظومة عمل تحتوي اضافة للوصف الوظيفي تقنيات عمل تقوم على الاتصال ونظم التواصل اضافة الى وسائل عمل تنظم نشاطات هذه الحملات ضمن مدد زمنية معلومة وعناوين مرحلية مدروسة ونماذج اعلانية تاخذ البيئة المحيطة ولا تقف عليها بما فى ذلك مرحلة التجهيز ليوم الافتتاح والتحضير ليوم الاقتراع وهذا ما يجعل الحملة الانتخابية تقوم على اسس موضوعية ومناهج علمية سنبينها فى مايلي :

اولا : تقنيات الايصال ، حيث تستند تقنية الايصال على تحديد فئة الاستهداف ، وتحديد كيفية الاستهداف ، والاليات الامثل لثقديم السياسة الامثل لطبيعة اهتمامات المجتمع المحلي، فان كيفية ايصال المعلومة اكثر اهمية من المعلومة ذاتها واستخدام شخصية التواصل لها اهمية اكثر من رسالة التواصل مهما كانت لاسيما وان الانطباع العام هنا يقاس بقياس المرسل وليس الرسالة اوالحملة فحسب ، وهذا ما يستهدف ان تكون درجه الانطباع الذى تكونه جملة الرسالة مع المرسل ، فمهما كانت الرسالة ركيكة والمرسل قادر ، استطاع ان يخرج فى انطباع افضل من لو كان المعادلة عكسية ، وهذا بحاحه الى برنامج عمل يتم عبره اختيار اعضاء الحملة وتدريبهم قبل البدء فى الحملة واستلام رسالة الحملة ومهماتها .

ثانيا: وسائل التواصل ، وهنا نتحدث عن حركة التواصل غير المباشرة فى كل ادواتها والكيفية المثلى فى الاستخدام واليات الاستخدام وتواقيت الاستخدام اضافة الى صناعة المناخات التى تسبق الحدث وتسليط الضوء على برنامج الحملة الانتخابية بموجب دراسة تقديرية ميدانية تستجيب للحدث والاحداث ، هذا اضافة الى تقديم المرشحين وتسليط الضوء على خياراتهم واختياراتهم وفق ادبيات يتقدم فيها الخبر على المبتدأ ، فان الاخبار هنا تكون محط اهتمام وليس الافكار وسرعة الانتشار ايضا هى المهمة وليس العنوان فقط ، فكلما كانت الادوات المستخدمة اكثر انتشارا كانت النتائج افضل وحصلت الحملة على تقديرات اوسع فى فرص النجاح ، لذا كان الخبر والوسيلة هو عنوان النجاح فى وسائل التواصل .

ثالثا : نشاطات التقديم ، ان العمل على كيفية تقديم المرشحين لانفسهم تستند الى تقديرات ذاتية اهمها امكانية المرشح والبيئة التى يعمل فيها والطبيعة الديموغرافية للمجتمع المحلي واهتماماته ، فكلما كان المرشح قريبا من المجتمع المحلي كانت درجة تاثيره افضل وكانت نتائجه ذات منزلة احسن، وهذا يعتمد على مكانة المرشح فى المجتمع المحلى وذاتية تقديمه لذاته ، اضافه الى امكانياته الثقافية واهتماماته الذاتية ، لكن هذا العامل يتضاءل تاثيره اذا كانت المرشح مرشح حزب او تيار وليس مرشحا فرديا ، فتكون الصورة المشكله عند العامة بناءا على تقديرات الحزب وامنيه العام وسياساته وبرامجه ومواقفه من الاحداث .

رابعا : يوم افتتاح المقر ، وهو اليوم الذى يعول عليه فى ارسال رسالة تقديرية فى قوة المرشح وامكانياته الشعبية التى تقف معه اضافة الى نوعية الحضور ، وبرنامجه الانتخابي ومقدار الاستحسان الذى جناه هذا المرشح نتيجة افتتاح المقر الانتخابي ، ستشكل درجة الانطباع المستهدفة ، فان الكيفيه التى يتم فيها افتتاح المقر الانتخابي والياته ، وكم ونوعية الحضور اضافة الى رسالة المرشح ستشكل الارضية التى تشي من مدى قوة حضور المرشح فى المشهد الانتخابي العام ، فكما كان الحزب او التيار فيها كان العمل مشترك وكانت الرسالة جماعية وكانت نوعية الحضور افضل وكم الحضور اكثر ، وهذا ما يجعل المرشح يقوم بتقديم ترشحيه نيابة عن الحزب او التيار وملتزم بالاطار الموضوعى والبرنامج العام لسياسات الحزب واهدافه ومراميه .

خامسا: يوم الاقتراع ، وهو يوم الحصاد فكل الترتيبات التى سبقت فى ايام التخصير والاعداد تاتي من اجل يوم الاقتراع وهذا اليوم بحاجة الى تحضيرات استثنائية لانه يحوى على كثير من التفاصيل ، واهمها يتمثل بكيفيه الوصول بالناخب الى صندوق الاقتراع ، وهذا بحاجة الى خطة عمل مدروسة واليات عمل دقيقة ، التنظيم عنوانها الرئيس، فان يوم الانتخابات يعرف بيوم التنظيم ومن يمتلك قدرة على التنظيم يمتلك دفة النحاح وعنوان الفوز وهذا بحاجة ايضا الى مقدرة جماعية والتى تشكلها عادة الاحزاب او التيارات الاجتماعية او السياسية كونها تعتبر من اهم الروافع الناظمة للمناخات الانتخابية والحياة العامة ، وهذا ياتي ايضا من مقتضى التعريف بالمؤسسة الحزبية فى تنظيم كوادرها واعداد قدراتها ضمن اطر برامجيه قادرة على المساهمة المنظمة فى رسالة البناء الوطني.

من هنا تأتي اهمية العمل الجماعي المنظم فى صناعة الحدث الانتخابي وفى المساهمة الفاعلة فى جذب المواطن لاغناء حالة المشاركة الانتخابية فى يوم الاقتراع ، والتى تستهدفها شرعية الانجاز فى المنحى الديموقراطى التعددي فى مسالة التصويت الضمني على نهج الدولة وبرنامح اصلاحها بطريقة سلمية مدنية تعزز من المحتوى الديموقراطي التعددي وتقوم على تجسيد الرسالة التحديثية العصرية.

ولان الظروف الاجتماعية التى نعيش ما زالت تخيم عليها اجواء وبائية نتيجة رياح كورونا، فان العمل للدخول فى المشهد الانتخابى يستدعي الاستثنائية الاحترازية ، وذلك للمحافظة على سلامة الاجواء الانتخابية ومتطلباتها الوقائية ومن اجل المحافظة على سلامة الناخب والمرشح والبيوت الانتخابية ، فان ايجاد المتطلبات الوقائية لا بد ان يكون احد اهم اشتراطات الاجواء الانتخابية بكل جوانها الاعدادية والادارية والرقابية والاشرافية والمشاركةوالمتداخله ، وهذا لابد ان ياتى وفق نظم تؤطرها انظمة تحت طائلة المسؤولية .

ولعل الهيئة المستقلة للانتخاب كونها المسؤولة عن اجراء الانتخابات وضمان سلامتها بحاجة ضمن هذه الظروف الاستثنائية الى ايجاد انظمة وتعليمات جديدة بالتعاون مع الحكومة تنظم اليات العمل واماكن التجمهر ضمن انظمة الوسائل الصحية والسلامة الوقائية على تكون مواعيد واماكن التجمهر معلومة مسبقا لاخذ الحيطة الضرورية باجراءات السلامة العامة ، هذا اضافة الى تصميم نماذج للدخول والمشاركة والتجمهر والاقتراع ضمن خطة عمل استثنائية تراعى خلالها سلامة الاجراءات المتبعة واختيار نماذج التطبيق الملائمة بين المحافظات بتمايز البيئة المجتمعية والاهلية هذا اضافة الى تحديد تواقيت الجمهرة ومواعدها الملائمة ، فان الانضباطية هنا تعتبر بوابة نجاح المشهد الانتخابي وليس فقط درجة التصويت على اهميتها ، لان سلامة المواطن ضمن هذه الظروف تاتي اولا.

ولان الظروف الاستثنائية تستدعي اجراءات استثنائية، فان الحملات الانتخابية لابد ان تعتمد على وسائل التواصل غير المباشر بطريقة رئيسية فى ظل هذه الظروف لاعتبارات تستوجبها السلامة العامة وهذا ما يتطلب من الهيئة المستقلة كما الحكومة اتاحة المجال امام المرشحين باستخدام كل الوسائل المتوفرة حكوميا بالمجان بما فيها الصحف الرسمية والاذاعة والتلفزيون اضافة الى مساعدة المرشحين فى استخدام شبكه التواصل الاجتماعي عبر منظمات عمل طوعية لما لهذه العوامل من اهمية فى تقديم مشهد انتخابي ضمن اشتراطات السلامة العامة الصحية والوقائية.

والحكومة ايضا مطالبة بالسماح للمرشحين باستخدام القاعات العامة وتقديم كل التجهيزات اللوجسيية اللازمة التقنية منها والوقائية للعملية الانتخابية واعتبار كل ما يتم تقديمه يندرج فى اطار البند الداعم للمشهد الانتخابي وعناوينه من اجل المحافظة على السلامة العامة وانجاح المشهد الانتخابي ضمن الاصول المرعية والضوابط الاحترازية .

ان نجاح المشهد الانتخابي هو نجاح للوطن فى الظروف العادية لكن بهذه الظروف الاستثنائية هو نجاح للانسانية ، فالاردن يقوم بإجراء اول انتخابات فى ظل كورونا وهو قادر على انجاح المشهد الانتخابي وتحقيق عنوان النجاح ، كما ان المواطن الاردني فى الظروف العادية آن كان مطالب بالمشاركة بحكم الحقوق الدستورية والوطنية فان هذه الظروف الاستثنائية تلزم الجميع بالتصويت وفق معايير الالتزام الوطنة والقيمي ، والواجب الوطني بالمشاركة والتفاعل والاستجابة لنداء الوطن من اجل اردن يستحق منا تقديمه بالاطار الافضل ، فدعونا نشارك فى تقديم صورة الوطن فى العمل الديموقراطي الانتخابي واعلاء مكانة الوطن ورفع نهجه القويم ، في هذه التظاهرة الانتخابية من اجل الاردن ومن اجل رسالته .

تعليقات القراء

تعليقات القراء