سما الاردن | من الواضح ان الاثار المترتبة على الاقتصاد العالمي جراء انتشار الفيروس المستحدث كورونا-١٩ سوف تتعدى في حجمها اثار الأزمة المالية العالمية التي انفجرت عام ٢٠٠٨ ، وأنها تقترب في شكلها من الكساد العالمي الكبير الذي ( Great Desprrssion ) حدث عام 1929 وامتد حتى عقد الأربعينيات .
ولا يخفى اثر تراجع التبادل التجاري بين الدول و تعثر خطوط النقل الجوي و البحري جراء انتشار هذه الجائحة والذي سيسهم في ارباك لسلاسل التزويد و بشكل خاص تلك المرتبطه بالمواد الغذائية و المستلزمات الطبية مما سيفاقم الأثر الاقتصادي و تحديدا للدول النامية و الفقيرة التي لا تمتلك بنية تحتية لتعظيم منظومة الانتاج الوطني لديها.
ان جل ما تقوم به الحكومات في العالم هو تقليل حدة منحنى انتشار المرض مقابل المحور الزمني في بلدانها وذلك بغية اتاحة المجال للكوار الطبية للتعامل مع المحتمل اصابتهم دون التسبب في إرهاق و إعياء الكوادر الطبية مما يعني اطالة امد الأزمة.
و طبقا لهذه المعطيات فانه من المتوقع ان تزيد الدول انفاقها على برامج الرعاية الصحية و الإجراءات الطبية التي تهدف الى الحد من تفشي الفيروس على حساب الإنفاق الرأسمالي و بالتالي ازدياد إعداد المتعطلين عن العمل اضافة الى ارتفاع نسب الفقر والبطالة و كذلك الاثر الاجتماعي الذي قد يؤدي الى ازدياد معدل الجريمة ، وكما يبدو فان اكبر القطاعات المتضررة هي النقل و السياحة و القطاعات المعتمدة على العنصر البشري ( Labour Intensive ) اضافة الى المشاريع الصغيرة و المتناهية في الصغر وكل هذا يؤشر الى ان هذه العوامل ستعمل على دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة الضمور و الكساد ، يعزز ذلك و جود خلافات تجارية بين الدول ادت الى انخفاض اسعار النفط بالاضافة الى استمرار تباين وجهات النظر التجارية بين الصين و الولايات المتحدة الامريكية .
و من المتوقع ان شكل الاقتصادات في العالم ما بعد كورونا سيكون مختلفا عن ما قبله و ان النماذج الاقتصادية السائدة في العالم ستتغير و سيزداد تسارع التوجه نحو العملات الرقمية كبديل عن النقد و اعادة الاهتمام بالاقتصاد المستند الى الابداع و الانتاج مدفوعا بازدياد الطلب على السلع الاساسية و على حساب الخدمات اضافة الى اضمحلال بعض القوى الاقتصادية العالمية و ظهور أو تعزيز اقتصادات اخرى.
وهنا يظهر ان فترة استعادة الألق الاقتصادي بعد انتهاء كورونا لن تكون قصيرة و ذلك بسبب نقص الدخل المتاح و تعمق حالة الشك وعدم اليقين و تأجيل دفع المستحقات ، بالاضافة الى الاضطرابات السياسية و الاجتماعية التي قد تنجم في بعض الدول التي ستقصر حكوماتها في توفير حماية و رعاية صحية لمواطنيها، ومن هنا يتوجب على ان الحكومات ان تدير هذه الازمة من خلال المشاركة مع القطاع الخاص.
ومن نافلة القول ان على المراكز البحثية المحلية و العالمية تكثيف الجهود لإيجاد بديل عن إجراءات العزل الاجتماعي و حظر الاختلاط و ذلك بالاعتماد على حلول طبية تمنع أو تحد من تفشي الفيروس ، الامر الذي سيعيد تدوير عجلة الاقتصاد و او بالحد الادني .
إضافة تعليق