غرينبلات: صفقة القرن خطة واقعية وممكنة

غرينبلات: صفقة القرن خطة واقعية وممكنة
2020-07-25
ن.ب

سما الاردن | زعم المبعوث الخاص السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، أنه رغم عدم وجود مفاوضات في الأشهر القليلة المقبلة لكن “صفقة القرن” خطة واقعية وممكنة.

وقبل ذلك بيوم واحد حذر المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط سابقا دينيس روس الباحث والمستشار في معهد واشنطن للدراسات من تبعات الضم مشددا على وجود ثمن باهظ ستسدده إسرائيل في الولايات المتحدة. ونبه في مقال نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” لمفاعيله الخطيرة خاصة من ناحية صب الماء على الرواية الفلسطينية وابتعاد الحزب الديموقراطي عن إسرائيل واقترابه أكثر من الفلسطينيين. وقال دينيس روس وهو أمريكي من أصل يهودي إنه لسوء الحظ، فإن من يعتقد بإمكانية تنفيذ الضم دون دفع ثمن في الولايات المتحدة يوهم نفسه.

وقال غرينبلات في حديث مع إذاعة جيش الاحتلال إن “إسرائيل يجب أن تلتزم بضمان الأراضي لدولة فلسطينية مستقبلية وفقا لخطة السلام الأمريكية مقابل اعتراف واشنطن بالسيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية.

وأكد غرينبلات على أن عملية السلام في الأشهر المقبلة ستكون صعبة للغاية بسبب كورونا والأزمة الاقتصادية والقيادة الفلسطينية التي رفضت خطة ترامب حتى قبل نشرها، وتابع: “أعتقد أن الخطة التي قدمناها واقعية وممكنة”. وتساءل غرينبلات: هل تستطيع الحكومة الإسرائيلية أن تعلن سيادتها على أجزاء من الضفة الغربية؟ وعلى هذا السؤال يقول غرينبلات: “الجواب نعم ولكن في إطار خطة السلام التي قدمناها، يأتي هذا مع التزام بضمان منطقة معينة لإقامة دولة فلسطينية محتملة. يجب استيفاء بعض الشروط من جانب السلطة الفلسطينية، مثل إنهاء الهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين”.

رواتب عائلات الأسرى والشهداء والجرحى

ليس هذا فحسب بل يعتبر غرينبلات ضمن الرؤية الأمريكية المنحازة للاحتلال كما يتهمها الفلسطينيون أنه يتعين على السلطة الفلسطينية أن تتوقف أيضا عن دفع رواتب “الإرهابيين” الفلسطينيين الذين قتلوا إسرائيليين. وتابع غرينيلات: “بمجرد أن تقرر الحكومة الإسرائيلية ما تريد القيام به، فإنها ستفعل ذلك بالتنسيق مع البيت الأبيض، وهو في رأيي النهج الصحيح”.

ورد رئيس مجلس المستوطنات يوسي داغان على غرينبلات بالقول إنه يتوقع منه ألا يمارس ضغوطا على إسرائيل ويحاول أن يملي عليها ما يمكن أن يعرض وجودها للخطر، زاعما أن السلطة الفلسطينية رفضت مناقشة خطة ترامب وبهذا فإن إسرائيل خالية من أي التزام، ومضى دغان في مزاعمه: “لقد رأينا الرفض ومهاجمة الخطة من أبو مازن ومسؤولين في السلطة الفلسطينية. أولئك الذين يخطئون ويريدون إقامة دولة فلسطينية هدفهم إلقاؤنا في البحر”. وطالب داغان نتنياهو بفعل ما هو جيد لإسرائيل وعدم القبول بأي شيء يعرض وجودها للخطر معتبرا أن “الكرة كانت وستبقى مع نتنياهو”.

يقين وسيادة

ويتواصل الجدل في إسرائيل حول مخطط الضم إذ يعتبر جنرال إسرائيلي في الاحتياط أن نتنياهو يرتكب خطأ جسيما بعدم استغلال “الفرصة النادرة” لأن يضم منطقة غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة. ويرى الجنرال في الاحتياط عاموس غلبوع الذي أشغل إدارة قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية أن الأزمة الصحية والاقتصادية التي يديرها نتنياهو بشكل فاشل، العنف السياسي الهدام لمجموعات أقلية متطرفة محبطة، والقتال الهادئ والناجح للغاية ضد ألد أعداء– كل هذه تقف على رأس جدول أعمال إسرائيل الوطني الحالي.

ووضح أنه لن يعتني بكل هذه القضايا في مقال نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” بل يكرسه لقضية الضم. ويقول غلبوع في مقاله: “أعود وأشدد: يرتكب رئيس الوزراء خطأ جسيما حين لا يستغل الفرصة النادرة لأن يضم لدولة إسرائيل غور الأردن. ليس الكتل الاستيطانية، ليس المستوطنات المنعزلة، فقط غور الأردن وشمال البحر الميت. منطقة لا يوجد ما هو أعلى منها في أهميتها الأمنية والإستراتيجية لمستقبل إسرائيل. إذا كان لرئيس الوزراء تأييد أمريكي واضح لمثل هذه الخطوة، فإني لا أرى سببا ألا يفعل ذلك ويقف دون خوف في وجه كل الضغوط الداخلية، ولا سيما ضغوط المستوطنين”.

​وضمن مناقشة معارضي الضم يقول غلبوع إنه قد سمع مؤخرا على لسان رئيس معهد أمني إسرائيلي معتبر حجتين ضد الضم في غور الأردن منوها أن الحجة الأولى كانت: لنفترض أننا ضممنا الغور، فبعد بضعة أشهر سيخسر ترامب في الانتخابات وسيصعد رئيس ديمقراطي، هو بايدن. سيلغي الاعتراف الأمريكي بضم الغور وعندها سنبقى يتامى، بينما لا تعترف أي دولة في العالم بالضم. هذا سيكون وضعا سياسيا سيئا جدا لإسرائيل. فلماذا نفعل ذلك حين نعرف مسبقا بأن هذا سيثير لنا المشاكل؟ ويعلق غلبوع على ذلك بالقول: “بالفعل، هذه حجة مغلوطة من عدة مبررات. الأول، من أين اليقين بأن بايدن سيلغي الاعتراف الأمريكي؟ بالفعل، قد يكون احتمال أكبر بأن يفعل ذلك ولكن من أين اليقين؟”.

عدم الاعتراف بالقدس

 كما يتساءل بالأمر الثاني: ولنقل إنه سيفعل ذلك، فعلامَ الهلع؟ وفي إجابته على هذا التساؤل يستحضر التاريخ بسؤال آخر: “إن دافيد بن غوريون أعلن في 1949 عن القدس كـ”عاصمة إسرائيل” ولم تعترف بذلك أي دولة، فماذا في ذلك؟”. ويتابع في سؤال إضافي: لم تقم سفاراتها في القدس ولكننا أقمنا هناك سيادتنا ونقلنا إلى هناك كل مؤسسات الدولة. في 1981 أعلن مناحم بيغن عن سيادة إسرائيل في هضبة الجولان (فرض القانون، القضاء والإدارة)، ولم تعترف بذلك أي دولة. فماذا في ذلك؟”.

ويضيف: “نحن بقينا هناك وجعلنا الهضبة ما هي عليه اليوم. المؤسف هو أن رؤساء وزراء إسرائيل كانوا مستعدين لأن يتنازلوا عن هذه السيادة حتى بدون مقابل زهيد، وأيدهم كثيرون في المؤسسة الأمنية. فضلا عن ذلك، تبقى السيادة وهي في أيدينا. عدم الاعتراف الأمريكي هو مؤقت. يمكن لبايدن أن يخسر بعد أربع سنين، ورئيس أمريكي جديد يجدد الاعتراف”.

​كذلك يقول إنه إذا كانت إسرائيل تخشى بهذا القدر أن يلغي بايدن الاعتراف، فينبغي بالطبع أن تأخذ بالحسبان أنه سيأتي مع موقف قوي مؤيد للفلسطينيين. ويتابع في محاولة الإقناع بوجهة نظره: “عندها سيكون صراعنا على حدود 1967، وغور الأردن سيبدو كحلم بعيد”. ويشير غلبوع لـ”الحجة الثانية” ضد ضم غور الأردن وهي أن هذا سيوقظ المشكلة الفلسطينية الموجودة في سبات نسبيا، وستكون انتفاضة كهذه أو تلك، وهذا سيحرفنا عن صراع إسرائيل المركزي ضد العدو الأساس، إيران. عن ذلك يقول: “رأيي مختلف إذ يدور الحديث عن ساحتي قتال مختلفتين مع وسائل عمل أخرى، وبقدر ما يتعلق الأمر برد الفلسطينيين، فإن كل ذلك تخمينات. يقين يوجد في شيء واحد: خطوة بسط السيادة. وفي كل الأحوال، كمبدأ أساس، على الدولة أن تكون مستعدة لأن تدفع ثمنا معقولا لقاء ما تراه كمصلحة حيوية لها”.

حسابات الربح والخسارة

يشار إلى أنه ضمن الجدل الذي يطال المستوى السياسي والعسكري والإعلامي هناك من يحذر من التبعات الأمنية والدبلوماسية والاقتصادية للضم خاصة في ظل تزايد المعارضة لمخطط السلب والنهب الإسرائيلي الجديد. ويضيف عدد كبير من زملاء غلبوع، جنرالات سابقون وباحثون اليوم في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، على هذه المحاذير الخوف على مستقبل العلاقات مع الأردن. كما يشير بعضهم لمخاطر الاقتراب من نظام فصل عنصري ينتهي بنهاية المطاف لدولة ثنائية القومية نتيجة الضم. وفي مجمل المواقف فإن حسابات الربح والخسارة لا الحسابات الأخلاقية هي التي تحكم مواقف الجانب الإسرائيلي.

تعليقات القراء

تعليقات القراء