النار تحت الرماد .. هَلْ من يَسمع ؟؟

0
IMG-20240130-WA0051(17)


يظنّ بعض أولِي الأمر أن الشعوب صامتة لأنها راضية ، وأنّ لُقمة العيش سَتُنسيها الكرامة ، وأن تكميم الأفواه والسيطرة على الإعلام سيجعل الحقيقة تختفي ، أو على الأقل تتأخر ..
يعتقدون أن الغضب اختفى لأن الهتاف خفت ، وأن نُصرَة المقاومة ماتت لأن الناس تعبت .. لكنهم لا يرون ما تحت الرماد ، ولا يشعرون بحرارة الجمر المستتر ..
في ظل ما يحدث في عالمنا العربي ، ومع كل شهيد يرتقي وبيت يُهدم ، وكل طفل يُنتشل من تحت الأنقاض ، تزداد المسافة بين الشعوب وزعمائها .. لا لأن الشعوب تجهل الحقيقة ، بل لأن الزعماء تجاهلوها ، أولئك الذين اعتقدوا أن الموقف الصامت يعني القبول ، لم يدركوا أن في صمت الشعوب صرخة مكبوتة ، وفي عيونها نار تنتظر لحظة الانفجار ..
المصيبة ليست في الجَهل بل في من يُنكر الحقيقة المخفية ، وليست في الخيانة ، بل في من يروّج لها على أنها “مصلحة وطنية” ..
أوليِ الأمر الذين يحيطون أنفسهم ببطانة تزين لهم الأمر ، وتُقصي عنهم الحقيقة ، وتزخرف الكذب وتخفف وقع الغضب ، ستكون هذهِ البطانة أول من سيُخذل هولاء القادة والزعماء حين تقع الواقعة .. أولئك الذين أقنعوا المسؤول أن كل شيء تحت السيطرة ، هم ذاتهم من سيهربون أولًا حين تشتعل النار .
إن الشعوب وإن بدت صامتة ، ليست غافلة ، وإن بدت منشغلة برغيف الخبز فهي لا تنسى من باع ومن خان ، وإن كانت تصبر ، فإنها لا تُسلّم .. العدل قد يغيب ، لكنه لا يُنسى ، والكرامة قد تُقمع ، لكنها لا تموت ، لحظة الانفجار لا يُحددها هولاء ، ولا تصنعها البطانة .. بل يُشعلها ذلك “الشيء الصغير” الذي يكسر ما ظنه الجميع غير قابل للكسر .
السفينة تهتز .. والماء يتسرّب من بين الألواح .. والركّاب ينظرون بدهشة إلى القبطان الذي ما زال يظن أن البحر ساكن وأن الريح في صفه ، لكنه لا يدري أن أوّل من سيقفز من السفينة هم أولئك الذين كانوا يصفقون له ويطمئنونه أن كل شيء على ما يرام ..
متى يدرك أولي الأمر أن صمت شعوبهم ليس ضعفًا ، بل صبرًا .. متى يدركون أن كراسيهم لا تحميها المعاهدات ولا الرهانات على الخارج ، بل قلوب الناس؟ متى يعلمون أن الأمن الحقيقي لا يأتي من دعم بعيد ، بل من ثقة قريبة .. متى يفهمون أن القوم في السر غير القوم في العلن ، وأن المارد – وإن تأخر – لا ينسى القمقم الذي حُبس فيه؟
الشعوب لا تطلب المعجزات بل تطلب الكرامة ، لا تسعى للفتن ، بل للعدالة ، لا تهدم الوطن بل تحميه من الذين أوصلوه إلى حافة الغرق .. وإنْ تأخرت لحظة الغضب فهيَ حتمًا قادمة ، وما بين اللحظة واللحظة على هولاء أن يختاروا : إما أن يصغوا للشعوب وهم في مواقعهم أو يسمعوا هديرها بعد فوات الأوان .. أيتُها البطانة أصدِقوا أولي الأمر النصيحة .. .
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Dirancang untuk generasi digital, Toto Slot menawarkan pengalaman tanpa gesekan dengan antarmuka yang intuitif dan performa optimal, menjadikan setiap sesi bermain terasa ringan dan menyenangkan.