الخُروقات الأمنية .. الأسباب وَسُبُل المواجهة !!
في ظلّ تصاعد الصراعات الجيوسياسية والحروب بالوكالة في الشرق الأوسط بَرَز مصطلح ( الخَرقُ الأمني ) كمحور رئيسي لِفهم التحولات في ميادين الصراع الحديثة ، وَلَمْ يَعُد ميدان الحرب مُقتَصِراً على المدافع والدبابات والطائرات والصواريخ ، بَل أصبح ( الاختراق الأمني ) وتجنيد العملاء أداة تفوق في تأثيرها أحيانا الصواريخ والطائرات !! .
وَيُعَرّفُ الخرق الأمني بنجاح طرف مُعادي في إختراق منظومة أمنية أو عسكرية أو سياسية لدولة معينة سواءاً عَبْرَ :
- تجنيد جواسيس داخل مؤسسات الدولة الحساسة ( الجيش ، المخابرات ، الحكومة مُمثلةً بدوائرها المدنية المُختلِفة ) .
- زرعُ عملاء أو خلايا نائمة داخل المجتمعات أو البُنى الاقتصادية .
- تنفيذ عمليات إلكترونية واختراق معلوماتي لأنظمة القيادة والسيطرة .
وغالبًا ما يكون الهدف مِن كُلّ ذلك هُوَ جَمع المعلومات ، نشر الفوضى ، تنفيذ عمليات نوعية ، أو زعزعة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة .
وَيُمكن تحديد أسباب الخروقات الأمنية بما يلي : - الاختراق الاستخباراتي الإقليمي والدولي حيث تسعى القِوى الإقليمية والدولية إلى امتلاك شبكات تجسس داخل حُلَفائها وأعدائها وذلك تطبيقًا لقاعدة لا خصومة تَدوم ولا صداقة كذلك .
- الضعف المؤسسي الداخلي مُتَمثّلاً في غياب الرقابة ، الفساد ، ضُعف التدريب وغياب التنسيق بين الأجهزة الأمنية مما يُسهِم في خَلقِ بيئة خصبة للاختراق .
- التكنولوجيا المفتوحة ويتمثّل ذلك في الإعتماد على نُظم اتصال غير محمية ومفتوحة ، بالإضافة إلى سوء إدارة المعلومات الرقمية مما يُسهّل الهجمات السيبرانية على الانظمة الحاسوبية للدولة .
- استغلال الثغرات الاجتماعية حيث يتمّ استغلال الفقر والطائفية والجهل والشعور بالتهميش وعدم تكافؤ الفرص بين المواطنين مما يجعلهم ضحية للتجنيد المُعادي .
- الضغوط السياسية والاقتصادية على الافراد مما يجعلهم ضحية التهديد أو الطمع والانتقام والايديولوجيا.
كيف يتم تجنيد هولاء العملاء ؟ - الإتصال المباشر عبر وسطاء أو افراد موثوقين .
- الاستدراج الالكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
- استغلال الثغرات العاطفية او المالية أو العائلية .
- التدرج في بناء الثقة ثم طلب تقديم معلومات بسيطة تتطور لاحقًا الى معلومات أكثر أهمية .
- التهديد بواسطة النساء والفضائح .
كيف يتمّ مواجهة هذهِ الاختراقات ؟ - التوعية والتدريب الأمني عَن طريق نشر الوعي لدى العسكريين والمدنيين في المناصب الحساسة وتكثيف برامج التحصين النفسي والفكري ضد التجنيد .
- تعزيز الامن السيبراني عَنْ طريق تطوير أنظمة الحماية ضد الاختراق ومراقبة الحسابات الإلكترونية المرتبطة بالمؤسسات .
- إنشاء وحدات رقابة داخلية مستقلة تراقب سلوك الموظفين والعسكريين وتحقق في أي تَغير مشبوه على هولاء الموظفين .
- إدارة الثقة والكفاءة وأن يكون التعيين في هذهِ المؤسسات على أساس الكفاءة والولاء الوطني وليس العلاقات الشخصية أو الانتماءات السياسية .
- القانون الصارم والعقوبات الرادعة وذلك بِسَنّ تشريعات رادعة وواضحة ضد التجسس والعمالة وتسريب المعلومات .
الخروقات الأمنية لَمْ تَعُد مُجرد حوادث عابرة بل أصبحت سلاحًا بيد الأعداء تتقاطع فيها مشاريع الدول والميليشيات والمخابرات المُعادية والحصانة منها ليست خيارًا بل واجبًا وطنيًا ، فبِقَدر ما نُحصن حدودنا بالأسلاك الشائكة والأسلحة الحديثة والجنود المُدَربين ، يجب أن نحمي مؤسساتنا وعقول أبناءنا وشبابنا مِن الانزلاق الى مستنقعات العمالة والابتزاز والاستخدام الخبيث .
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة
