IMG-20240130-WA0051(2)


في كُلّ لحظة حرجة مِنْ تاريخ الشعوب وَعندَ كُلّ مُفترق خَطَر يأتي السؤال الكبير .. السؤال الأكثر إيلامًا : مَنْ يَدفع الثمن ؟
وحينَ يُقرع الجرس وَتُهَدد الأوطان في كيانها وكرامتها ، لا تتأخر الطبقات الشعبية البسيطة مِنَ الناس – أولئك الذين لا تُكتب اسماءهم على الصفحات الأولى في الصحف ، ولا تُروى سِيَرهم في كُتب التاريخ – في التقدّم إلى الصفوف الأولى ، الفلّاح ، الجندي ، العامل ، الطالب والأم البسيطة ألتي تودع إبنها على باب ثكنة عسكرية أو ساحة معركة ، هولاء هُمْ الركيزة الصلبة ألتي لا تتزحزح حين تَرتّج الأرض .
إنهم أولئك الذين لَمْ يجلسوا على الكراسي ، وَلَم يُوقِّعوا قرارات المصير ، وَلَم يتقاضوا الامتيازات ، لكنهم حين نادت الأرض جاءوا بقلوبهم قَبلَ أقدامهم ، يضعون الدم مكان الحِبر .. والروح قَبلَ القرار !! .
كَمْ هِيَ قاسية مفارقة التاريخ !! الذين دَفَعوا أغلى ما يملكون – حياتهم – هُمْ مَن عاشوا على الهامش ، فيما نجى كثيرأ مِنْ أولئك الذين عاشوا في صميم السلطة ، واقتسموا خيرات الوطن بإسمِ الوظيفة والولاء والنفوذ !! .
كَمْ مِنْ جندي إرتقى في معركة بينما بقيت مُكافئتهِ عُهدة في أحد الادراج !! وكَمْ مِنْ أمٍّ بَكَت فلذة كبدها بينما كان يُقيم أحدهم احتفالية النصر عَلى إحدى الشُرفات ، وكم مِنْ شابٍ عاد مصابًا في جسده والآخرون في مكاتبهم المكيفة ينالون الأوسمة ويحتلون عناوين الصحف !! .
نعم توجد إستثناءات فبعض المسؤولين قاتلوا بشرف ، ووقفوا بشهامة ، ورفضوا الوقوف بعيدًا عَنْ الوطن ، ولكنهم استثناء والاستثناء لا يُلغي القاعدة .
إنّ التاريخ لا يُسامح .. والشعوب لا تنسى .. قَدْ تَمرّ سنوات بل عقود وسيبقى إسم ذلك الشهيد البسيط خالدًا في ضمير الأمة وأسماء أولئك الذين ظنوا أنّ المجد يُشترى بالمناصب والمال والاعلام في مزبلة التاريخ .
ويبقى أعدل ما يُقال في هذا الزمن المُختّل : إنّ البسطاء هُمْ مَنْ يصونون الوطن بأجسادهم والأغنياء يصونونه – بأحسن الأحوال – بخُطَبِهم وكلامهم الأجوف ، وأنّ أعظم تضحية ليست تلك آلتي تُقال ، بل تلكَ آلتي تُقَدَّم بصمت على حدود الوطن وأرضه ، لا في قاعات الفنادق ، الأوطان لا يبنيها الكلام بل تُبنى بدماء مَنْ لا صوت لهم .. هُمْ الأكثر صدقًا ووفاءاً وانتماءاً .
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Selalu menawarkan pendekatan modern bagi pengguna yang mengutamakan kenyamanan dalam menjelajahi hiburan digital setiap hari. Dengan integrasi yang mulus dan sistem yang ringan, situs toto memastikan setiap pemain mendapatkan kenyamanan optimal.