“ترهات” الوطن البديل وكيفية التعامل معها

0

“ترهات” الوطن البديل وكيفية التعامل معها

بقلم : نضال فيصل البطاينة

أثبتت الدولة الأردنية قوّتها بعد مرورها بالعديد من المنعطفات التاريخيّة، بدءاً من استشهاد الملك المؤسس والفراغ الذي شهده العرش حينها إلى حوادث أيلول، مروراً بفك الارتباط وانهيار الدينار وحرب الخليج ووفاة الملك الباني، وقبل سنوات ” ترهات” صفقة القرن، ولم يزد ذلك الدولة الأردنية إلّا منعة وقوة وكأن تلك الأزمات كانت تُمرّن مناعة الدولة الأردنية، لذا أقول لمن يخاف على الأردن أن يطمئن، لأن دولتنا لن يضيرها تصريحات أحادية الجانب، فبوصلتنا واضحة والخطوط الحمراء التي خطها
سيد البلاد لم تدع مجالاً للشك، قوتنا كدولة مبنية على متلازمة وعي الشعب وإيمانه بوطنه وقيادته من جهة، وحكمة قيادتنا الهاشمية من جهة أخرى.
نحن كمواطنين ما علينا إلّا أن نقف خلف قيادتنا والموقف الرسمي للدولة، وعلى البعض وقف المناكفات والتشكيك، وذلك للحفاظ على جبهة داخلية متينة وموحدة، كما علينا أن نتذكر أنه من الحكمة بمكان في مثل هذه الأوقات وقف جلد الذات بخصوص أي ملفات داخلية حتى إن كنا على حق ولو على نحو مؤقت، وعدم الضغط على الدولة واستنزاف قدراتها لتتمكن من التركيز على الملفات الإستراتيجية والوجودية في هذا الوضع الجيوسياسي.

أما بالنسبة لتلويح واشنطن بقطع المساعدات، فأستذكر البيت التالي من قصيدة الشاعر الأردني سليمان عويس التي عنوانها “لبسني شعار الجيش”:
امتطينا صهوة الجوع ومشينا،
وكل ما برطع الجوع انتشينا،
عرايا نبات ونصبّح عرايا،
ولا يقول الزمن إنا إرتشينا.

وقد تعودنا على ذلك وتمرسنا، ولكن في ذات الوقت أعتقد أن واشنطن لديها مصالح إستراتيجية مع عمان، وتدرك أهميتها إقليمياً، وهذا ما يدفع الولايات المتحدة باتجاه استمرار دعم الأردن، وإن كان ترامب قد لوح بخلاف ذلك فهذا لا يتعدّى المناورة السياسية برأيي.

أما إستراتيجياً ليس أمامنا إلا التركيز على منعة الدولة وترشيد إدارة ملفاتها، وخصوصا الاقتصادية منها، لكي لا نسمح لكائن من كان بالضغط علينا والتلويح
بقطع مساعداته مستقبلا كما علينا الاهتمام أكثر بأمننا المائي والغذائي، كما باعتقادي فإن الدولة الأردنية تحتاج اليوم للذهاب نحو الاستدارات الإقليمية والدولية، بمعنى أن نذهب نحو الفاعلين الدوليين في الإقليم وتقديم رواية جديدة بما ستؤول إليه الأمور في حال تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، كما علينا الحديث عن رواية “شرعية إسرائيل المزعومة” التي حصلت عليها من دول العالم بعد مؤتمر مدريد 1991 واتفاق أوسلو 1993، والتي ربطت بها دول العالم الاعتراف بإسرائيل بضمان قيام الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران 1967، ومن ثم إقناع دول العالم بأن هناك جزءاً لا يتجزأ من شرعية إسرائيل هو في وجود دولة فلسطينية، وإن كان ذلك على الورق بأدنى تقدير، إن نشر هذه الرواية قد يدفع إسرائيل بألا تغامر بحجم شرعيتها الدولية، “هذا سياسيا بالطبع حيث جميعنا لم يؤمن بهذه الشرعية يوماً”، نعم هذه روايتنا لدحض المزاعم الإسرائيلية بأن الحل هو “بالتهجير” وخاصة من حكومة يمينية يُنظر إليها دولياً بأن سياساتها صادرة عن نزاعات دينية متطرفة أكثر عن كونها سياسات عقلانية ومنطقية، وهذا قد يجعل إسرائيل في موقف تخسر فيه التأييد الدولي بموضوع التهجير.
كما علينا أن ننتبه إلى أن الولايات المتحدة بعهد ترامب تنظر للدول على أنها فرص اقتصادية واستثمارية وبالتالي على الأردن تسويق نفسه كفرصة اقتصادية جاذبة للاستثمار وفاعل حقيقي في التنمية الاقتصادية في الإقليم، وهذا ما يدفع ترامب والولايات المتحدة نحو تعزيز التقارب السياسي وتعزيز العلاقات بين واشنطن وعمان وذلك بمعنى أن يصبح ملف الاقتصاد أداة للسياسة والدبلوماسية الأردنية ببراغماتية بحتة.
وأخيراً علينا تغليب المصلحة الأردنية العليا، وأن نبدأ بالتفكير ببراغماتية وسط صمت العرب المطبق وتراجع المشروع العربي للأسف، فالجميع يتعامل ببراغماتية سياسية إلا نحن، ويجب ألا نبقى “نضرب بالعتيق” الذي لم يعد موجوداً وأقول ذلك بألم، فقد كنا آخر الفرسان وسنبقى، ولكن علينا تأمين أجيالنا القادمة في دولة قوية.

حمى الله الأردن شعبا وأرضا وقيادة، وسياجنا قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، وعاشت فلسطين حرة عربية والمجد للشهداء.

Elbatayneh.nedal@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *