المُقاومة بينَ مَنْهَجين !!!

0


بَعدَ تَوقف حرب الإبادة في غَزّة وإنكشاف مستوى الدمار وأعداد الشهداء والجرحى والمفقودين ثارت عشرات الأسئلة تتمحور جميعها حَولَ صوابية ما قامت بهِ حركة المقاومة في السابع مِنْ إكتوبر !! وَهل كانَ قرارها هُوَ القرار الأنسب للشعبِ والقضية الفلسطينية ؟ وَإنقسَمَ الجميع إلى فريقين : فريق مَعَ المقاومة وما قامت بِهِ ، والفريق الآخر يقول بعكسِ ذلك .. .
وَحَتّى نَعرِف نحن مَعَ أيّ الفريقين فيجب على الباحث والدارس أنْ يَعلمَ أنّ هُناكَ مذهبين أو إتجاهينِ يحكمان الفريقين وَكُلّ فريق يَتبع مذهبًا .. .
المذهب أو الاتجاه الأول هُوَ المذهب النفعي ( بمعنى النتيجة ) فإذا استطعت تحقيق النتيجة ألتي تَسعى إليها أو تحقيقها فَأنتَ مُحق فيما قُمت بِهِ مِنْ أفعال !! وبتطبيق هذا المبدأ أو الاتجاه على ما قامت بِهِ المقاومة في غزّة وبالقياس مع النتائج فإنها تكون مخطئة !! فهيَ لَمْ تُحرر أرضًا ولا أنقذت أسرى !! بَلْ زادت المعاناة للشعب الفلسطيني !! .
المذهب أو الاتجاه الثاني وَهوَ المذهب الأخلاقي والذي يؤمن بالمُثل والأخلاق العُليا ويقول بأنّ هناك مبادئ قَدْ نشأنا عليها !! فالنفس السويّة لا تقبل باحتلال الوطن والنفس السويّة لا تقبل بالعبوديه وحياة الذل ولا تقبل بالشرّ مهما كانت النتيجة !! .
وللتمييز بينَ المذهبين فَقَد طَرَحَ أحد الفلاسفة المثال التالي عَلى مجموعة مِنْ الطلاب :
لَوْ كُنتَ تقود سيارتكَ بسرعة تسعين كيلومترا في الساعة وفجأة فَقدَتَ الفرامل وكان أمامك أربعة عُمال يعملون في الشارع وكان موتهم مُحققاً إذا إصتدمتَ بهم !! ولكن كان أمامكَ شارع فرعي يقف فيهِ عامل واحد وإذا إصتدمتَ بِهِ فموته مُحقق !! فأيّ الحالتين ستختار ؟ كان الجواب موحدًا تقريبًا عِندَ الجميع وَهوَ أنّ موت شخص واحد أفضل مِنْ موت أربعة !! وهذا جواب منطقي ويعتمد على النتيجة !! ولكن وفي نفسِ المثال السابق لَوْ أنك لَمْ تكن السائق ولكنك كُنتَ تقف على يمين الشارع ويقف إلى جانبك شخص سمين وممتلئ الجسم وكان العمال الاربعة يعملون في الشارع وأنت تشاهد السيارة وهيَ مُقبلة باتجاههم وموتهم محقق !! فَهل ستقوم بدفع هذا الشخص الذي يقِف بجانبك ورميهِ أمام السيارة لإيقافها وبالتالي سيموت هذا الشخص مقابل إنقاذ الاربعة ؟ كان الجواب إنهم لَنْ يفعلوا ذلك !! مَعَ أنّ النتيجة هِيَ ذات النتيجة في الحالة الأولى !! فإنقاذ أربعة أمرًا مقبولًا مقابل التضحية بشخص واحد !! فلماذا قَبِلوا الحالة الأولى وَلَم يقبلوا الحالة الثانية ؟؟ إنها الأخلاق والقِيَم .
ما نخلص اليهِ أنّ المؤمنين بالأخلاق والمُثل العليا والذين يرونَ أنّ إحتلال الوطن شرّ لا يُعادله شَر يعتبرون أنّ تضحيات الغزاويين وما قدّموه في سبيل وطنهم هُوَ أمر مقبول وشرف لا يُضاهيهِ شَرف .. بِعكسِ الذين يبحثون عَنْ النتائج المؤكدة والمُحققة .
لا تَلوموا المقاومة فيما قامت بِهِ .. ولا تنظروا إلى أعداد الشهداء .. ولا تستكثروا عَليهم التضحيات في سبيل وَطنهم فهذهِ أخلاق قَدْ لا يُدركها الكثيرون .
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *