سوريا والأردن ضمن مقاربات جديدة

0

سوريا والأردن ضمن مقاربات جديدة.

بقلم: نضال فيصل البطاينة

أيًّا كان شكل الدولة السورية المقبل، وأيًّا كان عدد الفاعلين في سوريا نتيجة إعادة توزيع النفوذ الذي يتم حاليًا، فإن الدولة الأردنية سوف تبقى على تماس مباشر مع الملف السوري نتيجة عدة عوامل سياسية وجغرافية تربط البلدين تاريخيًّا، وملفات عالقة ومفتوحة منذ العام 2011.

الأردن لن يذهب إلى عواصم عربية وعالمية لبحث ملف سوريا وضمان استقرار الأمن والسلم فيها بالرغم من أنه يواجه خيارات صعبة فيما يتصل بالتعاطي مع سوريا الدولة واللاعبين الفاعلين هناك، فالأردن يريد لسوريا أن تكون معبرة عن نفسها دون وصايات فيما يتعلّق بالملفات العالقة بين البلدين.

تاريخيًّا، شكّلت سوريا عُمق استراتيجي للأردن على الرغم من أن تاريخ العلاقة بين البلدين كان قد مر بالكثير من التجاذبات و المد والجزر نتيجة لتقلبات النظام السوري السابق في تفاعلاته مع الأردن تحديدًا، ولكن هذا لا ينفي أن هناك الكثير من العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تجمع البلدين.

وفي ضوء ما يجري في سوريا نتيجة الفراغ الاستراتيجي في السلطة ووجود فصائل سورية فاعلة على الأرض وأقليات تنتظر دورها في نظام الحكم الجديد، بإعتقادي فإن الأردن عليه وضع ثلاث أولويات في التعامل مع الملف السوري ؛ الأولى هي التعامل مع ديناميكيات القوى غير المتوقعة التي قد تظهر على الأرض حيث يؤدي الاحتكاك المتزايد بين الفصائل إلى نوع من التعقيد في علاقات الأردن ودبلوماسيتها مع جميع الأطرف – حتى لا يحسب قُرب الأردن من طرف على حساب الآخر-، والثانية هي تحسين علاقات المملكة مع الفاعلين الدوليين في سوريا وذلك للتعامل مع احتمالية استمرار التنازع بين بعض الفصائل التي تحكم أجزاء من الأرض السورية وتقريب وجهات النظر ومعالجة الثغرات السياسية الناجمة عن سؤال من سيحكم سوريا، والثالثة هي تعزيز دور المملكة في التنمية الشاملة وإعادة الإعمار في سوريا، وهذا يعني بناء شراكات مع شريحة واسعة من القطاعات التنموية في سوريا لتعزيز المصالح الأردنية في السياق الإقتصادي.

وأنا أشير هنا إلى هذه الأولويات التي أعتبرها “نظرة واقعية”؛ إذ ينبغي للأردن أن يكون عمليًّا في التعامل مع موارده وحدوده، ولكن لا ينبغي لنا أن نتراجع عن الشؤون الدولية، التي تشكل أهمية بالغة لمصالحنا وقيمنا وازدهارنا، ولا ينبغي للأردن أن لا يقلل من شأن نقاط قوته الواضحة، فقد لعبت دولتنا دوراً حاسماً في الأمن الإقليمي، ولديها أصول استراتيجية ودبلوماسية وثقافية وعلمية كبيرة لتقديمها. حيث أن انعدام الأمن في سوريا، وتداعياته على الأردن، يشكل سبباً إضافياً لتبني سياسة خارجية نشطة ومرنة.

وبالنسبة للأولويات، يتعين على الحكومة الأردنية التعامل مع الواقع وفتح باب الاستثمار وتوقيع الاتفاقيات التجارية الحرّة والتركيز على الاتفاقيات القطاعية والشراكات المستمرة في التقنيات الحيوية والعسكرية أيضاً من تخطيط وتجهير الذي سيرافق عملية بناء الجيش السوري بشكله الجديد، والذهاب نحو الفاعلين الدوليين لتقدين مقاربات جديدة يكون هدفها الأول رعاية المصلحة الوطنية العُليا، والتحوّط ضد عدم القدرة على تنبؤ مسار ما يجري من أحداث في المنطقة وخاصة بعد استغلال بعض الدول وأشباه الدول للفراغ الاستراتيجي في المنطقة، وقلّة الموثوقية في بعض تحالفاتنا القديمة.
ففي هذا الوقت أكثر ما نحتاجه في الأردن هو التوزان الدبلوماسي وتحويل كل ما يجري في الإقليم لمصالحنا الوطنية، والتعامل ببراغماتية نوعية مع المشهد ككل وعلى كل الساحات؛ خدمة لمصالحنا الوطنية، وأن لا نكلّف نفسنا دفع تكاليف أجندة غيرنا.

حمى الله الأردن شعبا وأرضا وقيادة، وسياجنا قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *