كلام لَنْ يُعجِب أحدًا… 

0


في الأحداث ألتي تَمُرّ بها منطقة الشرق الأوسط والاردن جزءاً منها إختلط حابِلُها بِنابلها وكُلٌّ يُغني على ليلاه وَيَديرُ النار على قُرصِه ، البعضُ غالى في التوقعات والطموحات والآمال والبعض طالب بالتقوقع والقبول بالواقع إلى حَدّ الذُلّ والاستسلام !! وكلّ فريقٍ بِما لديهِ فَرِحون !! وإذا كانت الأمور والعلاقات الدولية والسياسية لا يُمكن أن تَسيرَ بهذهِ الثنائية فلا بُدّ أن نميلَ إلى مُقاربةٍ تأخذ بعينِ الاعتبار المخاوف والطموحات في الأردن !! .
وإذا سآءني على المستوى الشخصي في الأحداث الأخيرة أن يتّهِم البعض الدولة الأردنية بالوقوف في صَفّ دولة الاحتلال وَنَسيَ أو تناسى وفي أحسن الحالات جَهِلَ الواقع الأردني !! فإنّي عَتِبتُ على مَنْ لَمْ يقرأ المشهد لا أقول بواقعيةٍ ولكن بِعينِ الإنصاف .
أنا لَستُ مُدافعاً عَنْ القصر الملكي – وَهو شَرفٌ لا أدعيهِ – فلديهِ مِنْ الأعلام والدوائر الإعلامية ما يكفيهِ … وَلَست مُدافعاً عَنْ الحكومة فَلديها إعلامها وإعلامييها .. أنا مُدافعٌ عَنْ الاردن .. أنصِفهُ حَيثُ يستحق الإنصاف وأنتقدَهُ حينما يَستحق الإنتقاد وأنا آمِنٌ في بيتي وبين أهلي .. لا أنتَقِده مِنْ خارج الحدود – ولا يعني ذلك إنني أنتقد مَنْ يَنتقد مِنْ الخارج – فَلِكُلٍ ظروفه .. ولكنني لا أُخَوّن أحدًا ودائمًا ما ألتمس الأعذار .
الأردن دولة ذات سيادة وهيَ مُوَقِعة على إتفاقية سلام مع دولة الاحتلال وهذهِ الاتفاقية صادرة بموجب قانون وإن كانَ لهذهِ الاتفاقية ما لها وعليها ما عَليها فإنّ سبيل إلغائها وإبطالها معروفة للجميع .. إلتزامنا – كدولة أردنية – واجب حسب القوانين الدولية .. دولة الاحتلال خَرَقَت هذه الاتفاقية مَرّات عديدة ليسَ أولها الاعتداء وتحجيم الوصاية الهاشمية ومحاولة اغتيال خالد مَشعل ومحاولة العَبث بالمجتمع الأردني وإثارة النعرات الطائفية بواسطة ذُبابِها الالكتروني عَنْ طريق وِحدة ( 8200 ) وَغيرها الكثير !! ولكننا لا نُنكر إننا قَدْ إسْتَعَدنا أراضينا المحتلة في الباقورةِ والغَمْر واستطعنا الاستفادة مِنْ المياه وَلَو بالحدِّ الأدنى !! وَكذلك إستفدنا مِنْ هذهِ الاتفاقية مِنْ البقاء على إتصال مَع الإخوة في فلسطين وَبَقيَ الأردن شِريان الحياة للأهل في غَزة ولو كان في الحدّ الأدنى !! مَنْ يستطيع أن يُنكر أنه لولا الاتفاقية لَمْ تَبقى مستشفيات أردنية وَلَم تَبقى مساعدات تَصِل إلى الأهل في غزّة ؟ .
الأردن عِندما سمَحَ بإسقاط الصواريخ الايرانية يوم الأمس لَمْ يَكُن حُبّاً بدولة الاحتلال أو خوفًا عليها!! ولا كُرهاً بإيران وبالشعب الفلسطيني !! ولكن لأن واقع الحال يقول بأن إسرائيل سَتَرد على إيران وبالتالي فإنّ هذهِ رسالة لدولة الاحتلال بعدمِ إستخدام الأجواء الأردنية لمهاجمة أي دولة سواءاً إيران أو غيرها ، لدينا قواعد عسكرية أجنبية ولا نُنكرها وهناك إتفاقيات موقّعة معها وبالطرق القانونية نَستفيدُ منها وتستفيد مِنّا !! أيهما المستفيد أكثر ؟ هذا متروك لأصحاب القرار إتفقنا معهم أو إختلفنا !! .
الأردن لَمْ يَكُن يومًا إلّا مَع ألعرب ولهم وحرب عام 1967 ليست ببعيدة فَقَد دَخلها الأردن والنتيجة معلومة لنا سَلَفاً !! ولكننا دَخَلناها حتّى لا يتهمنا العرب بالخيانة وَخَسرنا الضفة الغربية !! .
اليوم الحال تَغيَرت فالعرب تَخلوا عَنّا والغربُ يبحث عَنْ مصالحهِ وَعدونا يملك ما لا نملكه !! وليسَ لنا والله إلّا الحفاظ على هذا الوطن ووحدة شعبهِ ومؤسساته .
لدينا فساد لا نُنكره !! ولدينا تجاوزات لا تُخطئها العين !! الطامعون حَولنا كُثر !! وَمَن يتمنون لنا الخير لا يُعَدونَ على أصابع اليد الواحدة !! وَلكن دَعونا نجتاز هذهِ المحنةِ وَبَعدها نَقِفُ لِبعضنا البعض ( على رِجل ونص ) ونتحاسب ونُحاسِب وَلَنْ يثنينا عَنْ ذلك أحدٍ.
لَدينا أوراق قوّة لا يُستهان بها ونحاول إستغلالها وَلكن المطالب لا تأتي بالتمني !! .
الأردن قَدْ تكون هيَ الدولة التي تدور حولها المؤامرات ولا تَجِد لها نَصيراً !! الخليج تحميهِ ثرواتهِ النفطية !! لبنان كُلّ طائفةٍ فيه مُرتبطة مَعَ دولة خارجية !! فالمسيحيين تحميهم فرنسا !! والسُنّة بعض دول الخليج !! والشيعة مَعَ إيران !! والدروز مَعَ سوريا !! .
العراق مقسوم بين إيران والغرب !! وسوريا يتحارب على أرضها الايرانيون والاتراك والغرب ودولة الاحتلال !! فَمَن لنا ؟؟ .
في حرب العراق وَقَف الأردن وحيدًا رافضًا التدخل الغربي وقال الملك الحسين رحمه الله قَوْلَتهِ المشهورة ” إذا دَخلَت أمريكا أرضنا لَنْ تَخرُج منها ” وَلكن أصحاب نظرية ” دي أمريكا يا صدام ” أدخلوها إلى بلاد العرب وها نحن ندفع الثمن جميعًا !! .
لا تُطلِقوا النار على أقدام الدولةِ الأردنية ولا تُحارِبوا مؤسساتها فإن أخطأت اليوم فَقَد تُصيب غدًا ، وما يراهُ البعض اليوم خطأً قَدْ يكون في الغد هوَ الصحيح !! وما يَعتَقِدَه البعض اليوم هو الصحيح قَدْ يَحمِل لنا في الغدِ الوَيلَ والثبور !! .
هذا هو الوطن الذي لا يَقبل القسمة .. وَطنٌ واحد .. تَحميهِ عيون ساهرة وزنودٌ لَوّحتّها أشعة شمسٍ تُعانق الجِباه .. .
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *