بَينَ رَجُلَينْ … مَزبَلَة التاريخ وَسَنام العُلا !!!

ماتَ مَنْ لا يَستَحق الموت على أيدي مَنْ لا يستحقون الحياة !! وإذْ قالت العرب قديمًا أنّ الموت لا يأخذ إلّا الرجال في العصور ألتي نحن بحاجة إلى الرجال فيها وهذا ليس مِنْ باب الاعتراض والسُخط على أمر الله ولكن تَحَسُّراً على رجال فَقدناهم وَهُم أكرم الناس وأشجعهم !! وَنَعجبُ لأشخاص يَمدُ الله لهم في العُمر والرزق !! الأول يصل إلى أرذل العُمر وَقَد كَتبَ الله عليه الذّل والهوان !! أمضى حياته في مُستنقع الخيانات !! وتحت أحذية الأعداء خالعاً كُلّ ما سَتَرَه الله بهِ ويأبى إلّا الذلّة والمَسكَنة وكأنّ الله كَتَبَ عليه الهوان مُنذُ أن وَلِدَته أُمه !! لا لشيء إلّا لِجمعِ مالًا سُحتاً يُورِثّه لأولادٍ سيلعنونه ذات يوم على إرثٍ جَلَبَ لهم العار في دُنياهم والخزيَ والندامة يوم يجتمع الخصوم عندَ الواحد الديّان !!
ورجلًا باع نفسه لله وتاجَرَ مَع الله وأنجبَ ورَبّى لله !! عاشَ مَع أبناء جلدَتِهِ وأكل وشَرِبَ معهم !! دماء أبناءه وعائلته رَوَت التراب الذي يعشق !! وذاكَ أبناؤه هُمْ مَنْ يُحصّنون العدو وَيخدمون العدو وَيَتوسلون العدو !! رجلٌ يُعانق جبينه السماء عزّةً وأنَفَةً والآخر رأسه في الوَحل وَتحتَ الأحذية !!
الكرامة والشجاعة هِيَ جينات وراثية لا تأتي بالتصنع والتطبع !! هي حليب يَرضعه الصغار مَع حليب أمهاتهم !! أمّا الذل والخزي فأسألوا الأمهات عَنْ الاباء !! .
الموت لا يَقطع الأثر !! والحياة لا تُعطي البقاء والخلود !! فكم مِنْ رجال أثارهم باقية وهم تحت الثرى وَكم مِن مُدّعي الرجولة لا ذكرَ لهم لا في الحياة ولا في الممات !! .
البعض سيذهب إلى مَزبَلة التأريخ !! وحياته عار مِنْ فوقِهِ عار مِنْ فوقهِ عار !! والآخر إلى سَنام العُلا وسيبقى إسمه في سجل التاريخ وعلى صَفحات العزّ والكرامة !! وَندعوا إلى ذاك الجالس بأن يَصِلَ إلى أرذل العُمر – وَقَدْ وَصَله – ليزداد ذُلاً وهوانًا!! .
وَرَحِم الله القائل :
إن الزمان وما يفنى له عجب
أبقى لنا ذنبًا واستؤصل الرأس
المحامي فضيل العبادي
مجلس محافظة العاصمة