مشاجرات الجامعات.. ظاهرة لا تليق بصروح العلم

كتب //.فلاح القيسي
تُعدّ الجامعات منارات للعلم والمعرفة، ومصانع للعقول التي تُبنى بها الأوطان، غير أن المشهد الذي نراه بين الحين والآخر من مشاجرات طلابية هنا وهناك، يعكر صفو هذا الدور السامي، ويشكل ظاهرة مقلقة لا تليق بالمؤسسات الأكاديمية.

إنّ تكرار هذه الأحداث يشير إلى خللل.عميق في منظومة القيم والسلوك، ويكشف أن العلاقة بين العلم والثقافة، والعلم والتربية، والعلم والمواطنة باتت في خطر. فكيف لطالب
يجلس على مقاعد العلم أن يفرغ طاقته في العنف بدل الإبداع، وفي الفوضى بدل الحوار؟

الجامعة ليست ساحة.للصراع، بل رحاب للفكر والنقاش المسؤول، تُبنى فيها الشخصية الواعية وتتعمّق فيها روح الانتماء للوطن. وما يجري اليوم من مشاجرات لا يمسّ فقط سمعة التعليم العالي، بل يهدد أيضا السلم المجتمعي ويغرس في النفوس ثقافة دخيلة لا تمت إلى بيئتنا الأكاديمية والأخلاقية بصلة.

من هنا، فإنّ الحاجة ملحّة إلى إجراءات رادعة وحازمة، لا تكتفي بالعقاب اللحظي بل تمتد إلى معالجة الجذور، عبر برامج توعية وتربية سلوكية تعيد للطالب إدراكه لدوره الحقيقي كصانع للمستقبل، لا كمثير للفوضى.

نداء إلى وزارة التعليم العالي

إننا نتطلع إلى أن تقوم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بإطلاق خطة وطنية متكاملة للحدّ من هذه الظاهرة، تتضمن تعزيز الأمن الجامعي بأسلوب تربوي لا قمعي، وتفعيل مراكز الإرشاد النفسي والاجتماعي داخل الجامعات، وربط السلوك الأكاديمي بالتقييم الأخلاقي. فالمسألة لم تعد مجرد حادثة عابرة، بل مؤشر خطر على منظومة القيم الجامعية.

إنّ الوطن بحاجة إلى طلبة يؤمنون بأنّ العلم رسالة ومسؤولية، وأنّ مقاعد الدراسة ليست مكانًا لتفريغ الغضب، بل لصناعة الأمل، وتشييد الغد الأفضل لوطن يستحق كل جهدٍ مخلص وعقلٍ مستنير.