د. انور حسن طنطاوي يكتب: تساؤلات بروفيسور في الذكاء الاصطناعي؟

د. انور حسن طنطاوي يكتب: تساؤلات بروفيسور في الذكاء الاصطناعي؟
2024-02-26
ن.ب

سما الاردن | في مفارقةٍ مُضحكةٍ مبكية وصراعِ شرس بين العالم الحقيقيّ والعالم الموازي عالم الذّكاء الاصطناعيّ(Artificial Intelligence) " شيفرا العقل البشريّ أصبحت بين أيدي العلماء " ، اعتدنا أن ندرس الذّكاء الاصطناعي القائم على النّظرية في الجامعات و في الكتب و أوراق الأبحاث المنتشرةِ ونربط جميع النظريات و نترجمها من خلال مخيلتنا أو ما نشاهدهُ في أفلام الخيال العلميّ على مر السّنين ، ومن ثُم نسألُ صرعنا الثّقافيّ و عجزنا التّعليميّ وإمكانياتنا المحدودة هل سيصبحُ ما نُشاهدهُ حقيقة ؟

يُعتبر الذّكاء الاصطناعي و ظهورِهُ لحظةً محورية في تاريخ البشرية ، حيث سلط الأضواء على قدرة الذكاء البشري " العقل البشريّ " في إنشاء آلات و تطوير الرّوبوتات القادرة على التّعلم والتكيف وربما التفكير، لينتشر في مختلف جوانب الحياة اليوميّة والاقتصاد العالميّ و الطّب واللّغة و العلاج و التّعليم، وهو التّحدي الأكبر كيف سيصبحُ التعليم بالذّكاء الأصطناعيّ أكثر أهمية من أي وقت مضى ؟

 

سيتناول المقال عددًا من الأسئلة الّتى ستحرك البحث فيما إذا كانت مؤسساتنا التعليميّة قد ارتقت و استجابت للتحدي؟ وهل تم تزويد طلابنا بالمهارات والموارد التّعليميّة الأساسية ليس فقط للنجاح في هذا العصر التكنولوجي سريع الخطى ؛ ولكن أيضًا لإثراء و تعزيز قدراتهم التعليمية ومهاراتهم الاجتماعيّة.

 

لقد أصبح الذّكاء الاصطناعي دون أدنى شك محركًا ملموسا للابتكار في جميع المجالات، كالتعليم ، و الرّعاية الصّحية، و الامور الماليّة و مجال الامن و غيرها الكثير.

 

تظهرُ قدرةُ أنظمة الذّكاء الاصطناعي، بدءًا من الخوارزميات البسيطة إلى الشّبكات العصبيّة (Neural Networks) المعقدة ، مدى اتساع الفكر البشريّ والإبداع الالهيّ للعقل المعجزة الذّي أبدع في الذّكاء الاصطناعيّ حتى أصبح في منافسةٍ معهُ ، ولنكن واقعين نوعًا ما بأنها منافسة غير مُنصفة ، لأن التقدم السّريع لتكنولوجيا الذّكاء الاصطناعي تثيرُ أسئلةً في غاية الاهمية:

 

- هل جاء الذّكاء الاصطناعيّ ليحل محل العديد من وظائفنا ويسلبها؟

 

- ماذا قدمت لنا الأنظمة التّعليميّة لتأمين سبل عيشنا في المستقبل ؟

 

- ماهي الخطط المستقبلية المطروحة لوظائف أكثر أمانًا وتمكينا في زمنٍ سريع التغيرو كثير البدائل ؟

 

- هل تمكنت المدارس والكليات والجامعات من مواكبة هذه التّطورات، وإعداد الطّلاب لمستقبل ينتشر فيه الذّكاء الاصطناعي في كل مكان؟

 

إن دمج الذّكاء الاصطناعي في القطاع التّعليمي عملة بوجهين تحمل إمكانيات وعقبات. فمن ناحية، يوفر الذكاء الاصطناعي أدوات للتّعلم الفرديّ، والبرامج التّعليميّة التّكيفيّة يحقق التّمايز في التعليم ويوجه المعلم إلى طرقٍ و وسائل مُختلفة تخفف العبئ عنهُ وتساعدهُ، ومن ناحية أخرى، و حتى نتبنى الذكاء الاصطناعي يستلزم منا إعادة التفكير في المناهج الدراسية، وتقنيات التدريس، والمهارات الّتي تعتبر حاسمة للنجاح في هذا الزمن سريع التغير.

 

إن القدرات المطلوبة في عصر الذكاء الاصطناعي تتجاوز الكفاءة التكنولوجية الأساسية، لقد أصبح التفكير النقدي والإبداعي والتفكير الأخلاقي أكثر أهمية، مما يعد الطالب لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول ومبتكر. لكن يبقى السّؤال الجوهريّ : هل تقوم المؤسسات التّعليمية بتزويد المعلمين و الطلاب بهذه المهارات، أم أنها تعتمد على مناهج وطرق تدريس قديمة؟

 

يجب أن تتطور أساليب التدريس لإعطاء الأولوية للتّعليم التّجريبي والمهام القائمة على المشاريع الّتي تعكس الصعوبات في العالم الحقيقي. وفي الوقت نفسه، يجب أن ندرك أن هناك فجوة رقمية (Digital Divide) تمنع العديد من المتعلمين من الوصول إلى التكنولوجيا الجديدة، مما يسلط الضوء على عدم مساواة التعليمي القائم. أنه أمرٌ بالغ الأهمية لضمان استفادة جميع الطلاب من التعليم المعزز بالذكاء الاصطناعي واستعدادهم للانتقال الى العالم الحديث.

 

لذلك لابد أن يكون هناك نهجٌ و توجيهٌ وسياسة انتقاليّة لكافة المؤسسات التعليمية ومن يقوم عليها ابتداءً مما يلي :

 

- أولا: تدريب المعلمين و العاملين على تقنية الذّكاء الاصطناعيّ وتقبل التّغير و الخروج من منطقة الرّاحة الّتى يمكث فيها المعلمين للعديد من السّنوات وإخراج قوالب فكريّة متشابة من الطلاب .

- ثانيّا : بناء مسار للطالب لفهم المكونات التقنية للذكاء الاصطناعي وتداعياته المجتمعية الأوسع من خلال دمج المعرفة الرقمية والذكاء الاصطناعي في جميع المستويات التعليمية.

 

- ثالثّا :زرع أن فكرة التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي سيكون أمرًا طبيعيًا في حياتنا اليومية، والتأكيد على المهارات الشخصية مثل التفكير النقدي والإبداعي و المحافظة على بوصلتنا الاخلاقية في عالم الذكاء الاصطناعي ،بالإضافة إلى المهارات التقنية.

 

- رابعًا : تزويد المدرس بالمعرفة والأدوات اللازمة لدمج الذكاء الاصطناعي في ممارساتهم التعليمية بشكل فعال.

 

- خامسًا: الاستثمار في البنية التحتية لسد الفجوة الرقمية، وضمان وصول جميع الطلاب إلى تقنيات وموارد الذّكاء الاصطناعي.

 

- سادسًا: تعزيز و توسيع نطاق الشّراكات بين المؤسسات الأكاديمية وقطاع تكنولوجيا المعلومات لمنح الطلاب الخبرة العملية والرؤى حول استخدام و تطبيق الذكاء الاصطناعي.

 

يعتبر الوقت الحالي هو الوقت الذهبي الأهم من أي وقت مضى ليلعب التعليم دورًا جوهريّا في سد الفجوة بين الذكاء الاصطناعي والبشري ونحن نقف عند نقطة التقاءهما. وعلى الرغم من كل التحديات، إلا أنه يقدم فُرصًا لم نسمع عنها من قبل لتحسين الإبداع والذّكاء لدى الانسان ومن خلال إعادة تصور التعليم في عصر الذّكاء الاصطناعي، يمكننا تمكين الطالب و المعلم من التنقل بين تعقيدات و تحديثات العالم المتغير السريع و تطوير التكنولوجيا و انعكاساتهٍ على المجتمع.

تعليقات القراء

تعليقات القراء