وزارة للشباب أم وزارة لتكميم الأفواه

وزارة للشباب أم وزارة لتكميم الأفواه
2021-08-18
ن.ب

سما الاردن | بقلم: عبد الله العياصرة أبو جمرة

تحوّلت أولويات وزارة الشباب في عهد الوزير الحالي من صنّاعة الشباب وتمكيّنهم فكريًا إلى تكميم أفواههم، فأصبحت حسابات الوزارة للتواصل الاجتماعي من منبر يعبر به الشباب عن رأيهم إلى مواقع يحظر حرية التعبير عن الرأي، ويمنعهم من الوصول إلى تلك الحسابات، وهذا ما هو إلا دليل قاطع على الإفلاس الفكري لهذه الوزارة، وما هو إلا ترجمة فعلية لعدم فهم الدور المناط بها.

يستغرب الشباب الإجراءات التي قامت بها الوزارة في منعهم من التعبير عن رأيهم في الوقت الذي تحتفل فيه الوزارة بإطلاق منصة رقمية افتراضية للشباب للتعبير عن آرائهم، ولكن ما نسمعه ونشاهده مغايرا للحقيقة، فالقول يختلف عن الفعل.

إن سياسة تكميم الأفواه وقمع حرية التعبير من أصحاب القرار في وزارة الشباب يمثل انقلاباً حقيقياً على الأوراق النقاشية لجلالة الملك، وإلى ما تدعو إليه اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. ففي الوقت الذي يدعو به جلالة الملك وسمو ولي العهد الشباب الأردني لممارسة حرية التعبير وطرح الآراء لبناء المجتمع  الأردني وتطويره على جميع الصُعد، نجد مَنْ يقمع حريات الشباب وتكميم أفواههم.

فأصبحت الحرية التي تُعد حق دستوري لإيصال ما يوّد الشباب قوله، إلا أن ذلك الحق قد ضاع في دهاليز وأزقة وشوارع وزارة الشباب، بل أصبحت هذه الوزارة تشكل سدًا منيعًا أمام الشباب وطموحاتهم مما يولد لديهم الشعور السلبي وفقدان الآمال والأمان.

فأساس حرية التعبير قد صانها الدستور الأردني، فكيف يمكن لوزارة الشباب إنكار ذلك، وبرامجها وأنشطتها المختلفة دليل على ذلك، ولكنها للآسف معطلة حتى ولو نفذت تلك البرامج وغطتها وسائل الإعلام.

لقد أصبح التعبير عن رأينا جريمة تُهدد حياتنا في عهد هذا الوزير، ووصل الحال بنا لما نحن عليه الآن، فالتعبير في فكر وزارة الشباب أصبح شيئاً مخيفاً جداً، فالتبس الأمر علينا - نحن معشر الشباب- في فهم حرية الرأي، وحق التعبير التي تدعو إليه هذه الوزارة، حيث أصبح الحظر على حسابات التواصل الاجتماعي للوزارة جريمة يعاقب عليها الشباب؟

إن ما يحصل من حظر بالجُملة للشباب الأردني على صفحة الفيس بوك لوزارة الشباب  إنما يدل على التخلف الفكري، وأن هذه الوزارة تنتهج الفكر الجاهلي الإقصائي.

ومن هنا نُذكِر وزير الشباب بالأوراق النقاشية الخمس التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني، وكون وزارة الشباب لم تعمل على تحليل تلك الأوراق ومناقشتها، ولم تحظ بما تستحق من دراسة وعناية؛ لذا فإن عملية قمع الرأي للشباب من وزارتهم لم تستثني أحد مِنَ الذين يسلطون الضوء على الترهل الذي يعتري الوزارة وما ترتكبه من تجاوزات.

 


وهنا نُذكر الوزير بقول الملك " أن الديمقراطية لا تكتمل إلا بالمبادرة البنّاءة وقبول التنوع والاختلاف في الرأي". فالهدف الذي أعلنه جلالته من وراء هذه الأوراق النقاشية واضح وصريح، وإن المواطن هو الهدف والغاية والأداة والوسيلة لتحقيق الحياة الفاعلة، لذا فإن برامج التمكين الديمقراطي التي تتبناها الوزارة تأتي مختلفة عما يريده جلالة الملك.

من هنا لا بد من تعزيز دور وزارة الشباب ليكون لها دور فاعل لصهر الشباب في بوتقة العمل الجاد وتحسين العمل، وتطوير الأداء والبرامج، كما تريد القيادة الأردنية.

إن ما حدث ويحدث في وزارة الشباب من تكميم للأفواه؛ إنما جاء لتطبيق القانون الخاص لضبط مواقع التواصل الاجتماعي، وللتضييق على حرية الرأي والتعبير، وهذا بحد ذاته يدل على أن  وزارة الشباب هي أول مؤسسة بدأت في تنفيذ التوجهات الحكومية لتقلل من الحريات الشخصية وهي خطوة خطيرة وغير موفقة في حق الشباب.

كما أشير  أيضاً إلى أن الوزارة هي أول من عطلت  الحورارت حول برنامج "التطلع إلى المسقبل" الذي يتناول رؤية الشباب وتخيلهم للأردن في المئوية الثانية للدولة، في الوقت الذي أعلن عنه الوزير الحالي " على تطوير سردية وطنية حول الأردن في المئة عام المقبلة، وإنتاج محتوى وطني لأعمال اللجان، والخروج بمبادرات وأفكار قابلة للتنفيذ، وعمل زيارات ولقاءات مع الشباب في كافة المحافظات".

فهذه سرديتكم أيها الوزير، وهذه طريقكم إلى المئوية الثانية، فبوركت قراراتكم بحظر الشباب، وتكميم الأفواه، ومن هنا أقترح على دولة الرئيس بتعيينكم وزيرًا للإعلام وناطقًا رسمي للحكومة.

تعليقات القراء

تعليقات القراء