أوجعتهم يا طبيب الفقراء "رضوان السعد" ..!!

أوجعتهم يا طبيب الفقراء "رضوان السعد" ..!!
2019-09-27
هناء سكرية

سما الاردن | ايمان عكور

من منا لم يسمع به في الأردن..
اصبح حديث المجالس
تكلمت عنه  وعن انسانيته جميع وسائل الإعلام..
لكن للأسف فقط عندما توفي قبل ايام..
استحق لقب طبيب الفقراء
وهو الذي كان بإمكانه ان يدير ظهره عن أبناء مخيمه ويدخل في الصراع المحموم لغالبية الاطباء من أجل مكاسب مادية شخصية..

لكنه وعلى عكس ذلك..
فاجأ الجميع.. بل الأدق القول انه عرّاهم
وكشف طمعهم وتجبرهم بالمحتاجين والفقراء

طبيب الفقراء.. الدكتور رضوان السعد
الذي ودع الحياة قبل اقل من اسبوع
بعد ان خذله قلبه الكبير الذي فاض انسانية على مدى ٥٠ عاما
ذلك القلب الذي ظل ينبض حبا وتضحية حتى النبض الأخير
الذي لم يغلق أبواب عيادته المتواضعة داخل مخيم اربد في اي وجه
ذلك الإنسان الذي حاربه الجميع لانه كما سمعت اتهموه انه يضر بسمعة الاطباء لعدم تقاضيه اي أجر من مرضاه.. أو أجر من المقتدر لم يتجاوز الدينارين حتى وفاته..!

نعاه جلالة الملك..وقال
"كلنا فخر أن من بيننا من تفانى في قضاء حوائج الناس، وسعى للخير والعمل النافع من أجل مجتمعه ووطنه، رحم الله الطبيب رضوان السعد صاحب الروح النبيلة."
لكن ذلك لم يشفع له..!! 
 كانت وصيته لاولاده.. ان تبقى عيادته مفتوحة لكل من يدق بابها
وكأنه شعر ان قلبه قرر ان يرتاح أن مشوار عطاءه في الحياة أوشك على نهايته
فأراد ان يطمئن على مرضاه من البسطاء الذين يروون أجمل القصص عن انسانيته..

حلمه قبل ان يغمض عينيه للمرة الأخيرة
كان ان تبقى ابواب عيادته مفتوحة...! 
ما اجمله من حلم..
وما ابسط تحقيقه..!!

طلب منهم ألا يجزعوا لوفاته، والا يكثروا من مراسم العزاء، حتى لا يرهقوا الناس، وأن يكملوا مسيرته في مساعدة الفقراء..!
ترى أي قلب ذاك الذي كنت تحمله بين ضلوعك يا دكتور رضوان..!! 

لكن وللأسف.. لا يوجد مكان لمثل تلك الإنسانية في زمننا هذا..
هذا زمن الطمع.. والحسد.. وتكسير الأحلام.

كتبت منذ وفاته واعتقد غيري كثيرون طالبوا بنفس الامر..
ان تبقى ابواب العيادة مفتوحة..
أن يتناوب عليها اطباء اختصاصات مختلفة على مدى ايام الاسبوع..
وان تبقى مجانية.. تخليدا لذكرى هذا الطبيب الإنسان..! 

وفعلا.. تقدم ولده الطبيب بطلب من وزير الصحة  المشهود عنه كل خير وانسانية.. بمنحه استثناء كي يبقي العيادة مفتوحة ويعمل هو بها خارج اوقات دوامه في الوزارة..

لابد وانكم تنتظرون خبر البدء بتجهيز العيادة كي يبقى اسم الدكتور رضوان يزين بابها.. كصدقة استحقها بكل حب

للاسف اقول لكم ان رد وزارة الصحة كان مخجلا.. يخلو من اي ذرة  تقدير..
 بل وتفوح منه رائحة الغيرة.. من اسم طبيب غطى رغم وفاته على المئات من الاسماء البراقة التي تتباهى بانجازات امتلأت جيوبهم منها بالملايين.. في حين توفي الدكتور رضوان بجيب مثقوب.. 

تمنيت الا اكون من أنقل لك هذا الخبر يا دكتور رضوان..!!
تمنيت لو انني اليوم أخبرك ان مرضاك بخير
وأن وزارة الصحة رمت بكل القوانين واللوائح البالية عرض الحائط وقررت أمام عظمة عطائك أن تسمح لابنك الطبيب بأن يحقق وصيتك ويفتح ابواب العيادة لاحبابك من الفقراء الذين كنت لهم التأمين في الحياة كما قالوا..!

لكن.. كم أشعر بالخجل
من كل من يختبئ وراء قوانين متخلفة خالية من أي انسانية
قوانين لا تخرق الا حسب مزاج المسؤول
لكن عندما يتعلق الأمر بفقير.. يتحول القانون إلى سيف تدق به رقاب كل من يتجرأ على مخالفته..

للأسف يا طبيب الفقراء
ليتك بقيت كي يموتون قهرا وانت تفضح جشعهم باسم الطب

تخيل يا دكتور ما هي حجتهم..
لقد منع اعطاء روحك أي منحة استثنائية تسمح لابنك  الذي يعمل طبيبا وأخصائي باطنية في وزارة الصحة بحجة مخالفة ذلك لقانون الصحة الذي يمنع الطبيب في القطاع العام من فتح عيادة خاصة.. حتى لو كانت مجانية وللفقراء من غلابى الوطن..

الم تخجل الوزارة من مثل هذا العذر ..!
كتابكم يقول لم يرفض الوزير..
 لكن القانون لا يسمح..!..

يا معالي الوزير وانت المشهود لك بالمواقف الانسانية
لماذا التمسك بالقانون عندما يكون المطلوب هو انسنة ذلك القانون في بعض الحالات الاستثنائية ولا اقول خرق القانون..
اتمنى ان تكون من يسجل ذلك الاستثناء في هذه الحالة والذي سيضيف لسلسلة إنجازاتك المعروفة.. 

لا تكن مثل اولئك الذين يكسرون القوانين متى يشاؤون.. في حين 
يتظاهرون بالوطنية والالتزام عندما يتعلق الامر بمواطن ضعيف.. كي تصفق لهم الحاشية حولهم.!
كن استثنائيا.. واصنع القانون..! 

وعد يا دكتور رضوان..
أن تبقى كما كنت.. رمزا للايثار والخير
أن تبقى ابواب عيادتك مشرعة امام الجميع

وهذه دعوة لجميع الاطباء في اربد
واقول الاطباء الذين لا تزال ضمائرهم حية
أن يتعاونوا من أجل أن تبقى روح الدكتور رضوان سعيدة كما كان ينشر السعادة حول كل من يعرفه..

نم قرير العين يا طبيب الفقراء
سنحتفل سويا قريبا
بانتصار الخير على كل بذور الشر..!
غادرت الحياة وتركت اسماً لن ينساه الجميع
في حين يغادرون الكثيرون مناصبهم
وتطوى صفحاتهم بلا أي ذكر طيب..! 

تعليقات القراء

تعليقات القراء