هل يستجيب مجلس النواب للشعب

هل يستجيب مجلس النواب للشعب
2018-12-27
نور الدويري
ن.ب

يقف اليوم مجلس النواب أمام محكمة الشعب الذي فاض فيه كيل استيعابه، لفشل المنظومة السياسية و الاقتصادية السابقة وتباطء وعود الحكومة الجديدة في تنفيذ أدنى طموحات الشعب والمصلحة الوطنية . وفي ظل مواقف نيابية سابقة، سجلت ميلها الى صف الحكومة ، وهي اليوم -كسلطة تشريعية- أولى حسب الدستور تُوضب بحنكة قرارات شعبويه ليظهر فيها مستأسداً على الحدث !

فلنشرح القرارات الأخيرة باقتضاب ونوضح ماذا يُنتظر من المجلس :

اولا: قانون الضريبة

سلك مجلس النواب منحاً حذراً في تعديل الضريبة ،فدنا من الجيد في إقرارها على القطاع الزراعي والتجاري، و وزع ضريبة الدخل على الشرائح الاجتماعية معدلا سقف الاعفاءات ،ثم اقترح انشاء صندوق ضريبي للطبقة الغنية، فكان قانون الضريبة المعدل من المجلس أفضل الأسوأ إذا ما نظرنا إلى ما  قدمه مجلس الوزارء من مسودة جائرة  تقصف شرائح المجتمع وقطاعاته، فجاء تدارك مجلس النواب له خطوة تحتسب له، ليظهر جلياً ان الضغط الواقع عليهم بين ما يتوقعه الأعيان و الحكومة وبين قلق الشعب الفائض تعديلاً يقف في منتصف الطريق؛ باعتبار أن الازمة الإقتصادية التي يعيشها الأردن خلقت أعباء مالية مضاعفة تكاد تطال كافة شرائح المجتمع والتي عطلت القدرة الشرائية والادخارية كذلك وإذا ما عدنا لمتوسط الدخول والزيادات السنوية وضريبة المبيعات والرسوم وخلافه، لنجد قانون الضريبة جاء بمرحلة عصية يزيد  تكاليف الحياة المعيشة.

ومع طعن المحكمة الدستورية في المادة ٧٢ والقاضية بالسماح للمكلف بالطعن فيها إذا تم تصحيح خطأ جاء سهواً في تسجيل البيانات المالية أمام القضاء! فاننا نقف أمام عدة خيارات ، تعديل بقانون خاص للتصحيح؟ أو لجنة تعيد النظر في المادة؟ أو ربما منحة سماوية قد تستغلها المنظمات الحقوقية أو المجلس نفسه ليُلتمس من خلاله إعادة عرض مواد توزيع الشرائح لإعادة تحديد النسب وتقديم تبسطياً إضافيا عليه، مع طلب مهلة تمديد من جلالته لتمديد ما جاء في الإرادة السامية لإقرارها ؟!.

ثانياً: قانون الجرائم الإلكترونية

إن سحب المجلس للقانون مستجيباً لضغط الشعب جاء في صف المجلس، كونه يعيد الكرة الى ملعب رئاسة الوزراء، لتجري الأخيرة تعديلات خجولة على خطاب الكراهية ومواد الخلاف الرئيس. مما وضع المجلس امام ضغط اضافي لتصحيح المسودة الثانية  والتي لاتزال غامضة وفضفاضة رغم كفالة حق نقد الاداء الوظيفي ، فهل يكون المجلس امام  فكرة  رده لضعفه؟ او ان عليه تعديله بنضوج اجتماعي وقانوني  كافلا مصالح احترام التعبير عن راي  ناخبيه؟ ما دام أنه لايحمل ذما أو تحقيرا يؤثر على السمعة الشخصية فيعيد تفسيرها؟

ورغم ان مقال جلالة الملك بالخصوص جاء ينصح بطياته المشرعين لوضع قانون يميت لغة الكراهية والاسلوب المتنمر على الاخرين يدفعنا لطرح سؤال هام هل نحتاج قانونا للجرائم الإلكترونية لمواقع ضبطها منشؤها بمعايير معينه من الاساس؟! وهل الأثمن على المجلس أن يضع مراقبة أو منعاً عاماً للمواد الإباحية مثلا على غرار دول الجوار؟ وهل يمكن ان يكفل القانون العام الشكوى لمن أُلحق به الضرر بالسمعة الشخصية او الفئة المقصودة باستخدام وسائل ادارة المعلومات؟ وهل ان مدونة سلوكية تفي بالغرض تُستسقى من روح القانون او تضاف إليه ؟ ستكون حلا بديلا للقانون مثلا.

المجلس اليوم امام خيار صعب جدا بين تحقيق توجيهات جلالة الملك وتصحيح مسار مسودة الحكومة الفضفاضه الجديدة، وبين غضب الشعب الذي لا يرى في هذا القانون سوى تعدي على حقوقه الدستورية في التعبير لما يحمله القانون من صيغ تحمل الظنون اسوئها و تحصر الصحافة والشعب عن التعبير عن انفسهم.

ثالثا: قانون الأحوال الشخصية

وقع مجلس النواب أمام وطأة المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني و المجتمع التقليدي وما يطرحه الشرع، فجاءت بعض القوانين لا ترضي مدنية وحقوقية المطالبين فيما أنها اعتبرت تهليلا لبعض المتدينين والتقليديين. فحتى تعديل المسودة من الحقوقيين وما وافق عليه مجلس الأعيان كاتمام عمر الفتاة عند الزواج السادسة عشر، أي دخول الفتاة سن السابعة عشرة كأدنى حدود تحقق طموحات الحقوقيين مقابل ارادة المجتمع التقليدي . فالصدام بينهما واقعٌ أصلا والمجلس يقف بين الاثنين!.

ثم قبول مجلس الأعيان توريث أبناء الابنة المتوفاة ومن يدري ان كانت الرعاية للأم المطلقة بعد الزواج ستبقى كما هي عليه.

اذن المجلس تحت مقصلة الحساب بمحكمة هيئة المكلفين، والذين هم فيما بينهم يختلفون.

رابعا: قانون العمل

رفع جلسة عدم اكتمال النصاب تفتح تساؤلا عن مدى اهتمام بعض أعضاء المجلس لتسريع اتخاء قرارات عمالية تحمي منتخبيهم ومؤيديهم الذين تحولوا اليوم كخصوم لهم، حتى انهم لم يقدروا ماء وجههم مستقبلا أمام الشعب!، خصوصا أن قانون العمل اليوم يعاني الموت السريري، ويحتاج لنظرة خصبة تستبق الحصاد، و تزرع بذورا نقية، وسط تنمر وظيفي و فساد إداري...

خامسا: قانون العفو العام

قدم مجلس الوزراء مسودة ضعيفة جدا، فبصرف النظر عن حاجتنا إلى عفو عام الآن و الغايات التي تقع خلفه، بدا المعارضون التهام طاقة الشعب لتجييش العامةِ مرة أخرى، بالاعتصام أمام المجلس الذي لم يقرر العفو بعد أصلا! ولم يصدر مسودته، رغم تكهنات ووعود بعض النواب  مما سيطرح.

ومن المؤكد أن رئيس المجلس تحديدا سيقوم بمراعاة شموليته ودراسة الشرائح المحتاجه له، مما يعني ان قضية الغارمات وقروض الطلبة والمخالفات المرورية ستكون قيد النقاش بصورة مؤكدة ، وان النقاش في قضايا الشيكات ستأخذ حقها بالنقاش ، وان اللجنة القانونية لابد لها من أن تراعي وتدرس الشرائح المشمولة بالعفو بشكل موسع.

سادسا: الموازنة

سأكتفي ككاتبة هنا بالتركيز على ما تم توزيعه لدعم الصحف والاعلام العام، وساترككم مع جملة من الاسئلة المفتوحة: هل الصحف الورقية تؤدي واجبها الموكل اليها ؟ هل كوادرها لاتعاني  معدل دوران وظيفي كبير أصلا؟ وهل دخولهم مضمونة واستقرارهم الوظيفي موجود قبل القرار ؟ من يضمن فرص للموظفين المستقرين في وظائفهم؟، وهل فعلا الصحف الموجهة الى بضعة فئات، يجب أن تحصل على نفس الدعم ،كما الصحف التي تحظى بشعبية؟

وهل هذا سيدفع الصحف المتضررة الى النظر بما تطرح لتنال عددا أكبر من الداعمين سوقيا.

ولا أستطيع تجاوز هذه النقطة دون طرح سؤال مهم وهو:

ما هي الحماية التي قررتها الموازنة لحماية الاقتصاد الوطني وسط خفض توقعات المنح وتشريعات الاستثمار ووقف نزف التضخم وتشجيع القوى الشرائية و دعم القطاع الصناعي والتجاري و الزراعي ؟!

سابعا: مرورٌ عام

أن عدم تجاوب بضعة وزراء مع مجلس النواب للإجابة عن أسئلة كثيرة تطرح تساؤلا آخر فيما إذا كانت الحكومة أو السلطة التنفيذية تتطلع لإنشاء علاقة صالحة مع السلطة التشريعية تخدم ما نسبته الاولى لنفسها من منهج إصلاحي كلما طل علينا وزيرٌ في حديث او تصريح لدولته وناطقته.

سادسا : تصريحات الطراونه

تصريحات جاءت زاخرة مؤخرا، تدعو في آخرها إلى مأسسة القطاع المدني، والاستمرار بفتح قنوات الحوار مع المجتمع المدني، في إشارة لتوجيه الدعوة العامة لاعداد مسودات ومقترحات لقوانين تناسب مقاس المعيشة الكريمة، فهل من مستجيب من الطرفين؟!

سابعا: الثقة العامة

اليوم تهدد الثقة العامة السلطة التنفيذية والتشريعية ببطء، نظرا لوقوف النقابات موقع المتفرج، وغياب الدور الحزبي الصحي ، وحراك يطمح لتجاوز قنوات التشريع، وانشاء دولة إنقاذ سياسي جديدة وكأنه يبحث عن زيت ليضعه فوق النار.

فهل كان من الأفضل تقديم مسودة لقانون إصلاحي عبر قنوات التشريع وبمشاركة الملك؟ المطالبة بمنح مهلة للحكومة التنفيذية برقابة التشريعية؟! أسئلة كثيرة تُطرح وسيناريوهات كثيرة .

فهل المجلس اليوم سيكون نافذة لحكومة إنقاذ بصفته التشريعية ، والذي لن يتمكن من إرضاء كافة الأطراف ؟طبعاً لكنه على الأقل سيحمي مظاهر الحياة الكريمة بتعزيزها ، مقدماً تعديلات حقيقة تحقن الغضب الشعبي المحق، وتوفر فرص متكافئة وتشريعات مقبولة، وسن قوانين تدنو من الإصلاح الحقيقي.

الفترة المقبلة حساسة ستثبت من يستحق أن يبقى في موقعه او من يجب أن يحال للتقاعد .

تعليقات القراء

تعليقات القراء