هكذا ألغت بريطانيا العبودية سنة 1833

يُصنف قانون إلغاء العبودية لسنة 1833 (Slavery Abolition Act 1833) كواحد من أهم القوانين في تاريخ بريطانيا حيث جاء ظهور هذا القرار التاريخي ليكرّس انتص
2018-08-14

يُصنف قانون إلغاء العبودية لسنة 1833 (Slavery Abolition Act 1833) كواحد من أهم القوانين في تاريخ بريطانيا حيث جاء ظهور هذا القرار التاريخي ليكرّس انتصار نشطاء المجتمع المدني المناهضين للعبودية عقب جملة من الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي عاشت على وقعها الإمبراطورية البريطانية. وبناءً على ذلك، كسب حوالي 800 ألف من العبيد حريتهم بعد فترات طويلة قضوها في شراك العبودية بالمستعمرات البريطانية بكل من إفريقيا والكاريبي وكندا.

لوحة زيتية بعنوان العبد الراكع

مر الطريق نحو إجهاض العبودية بريطانيا بمحطات عديدة، فمنذ سبعينيات القرن الثامن عشر باشر العديد من مناهضي العبودية نشاطهم في سعي منهم لوضع حد لتجارة العبيد بالمستعمرات البريطانية، ولعل أبرزهم جون غريفز سيمكو (John Graves Simcoe) الذي شغل منصب حاكم المستعمرة البريطانية بكندا العليا. ولم يتردد سيمكو سنة 1793 في التوقيع على قرار مناهض للعبودية وافق عليه المسؤولون المحلّيون وبموجبه منع "استيراد" مزيد من العبيد نحو المستعمرة، ووافق على منح أبناء العبيد حريتهم عند بلوغهم الـ25 من عمرهم.

جون غريفز سيمكو حاكم المستعمرة البريطانية بكندا

في حدود سنة 1807، اتخذ البرلمان البريطاني قرارا جريئا أنهى من خلاله رسميا "تجارة العبيد" والتي عاشت على وقعها بريطانيا لقرون عديدة. ولتدعيم هذا القرار البرلماني، أيد المستشار البريطاني هنري بروجهام (Henry Brougham) تمرير قرار ثانٍ سنة 1811 دعم من خلاله القرار الأول ليجعل عقب ذلك تجارة العبيد جريمة يعاقب عليها القانون البريطاني بعقوبات قاسية قد تصل أحيانا إلى الإعدام. فضلاً عن ذلك، كونت البحرية الملكية البريطانية فرقة عسكرية أوكلت إليها مهمة تفتيش السفن البريطانية التي تبحر انطلاقا من المستعمرات البريطانية بإفريقيا نحو القارة الأميركية.

المستشار البريطاني هنري بروجهام

مع حلول عام 1823، نشأت بالعاصمة البريطانية لندن "الجمعية المناهضة للعبودية" (Anti-Slavery Society) والتي كان من ضمن أعضائها عدد هام من كبار الشخصيات البريطانية مثل البرلمانيين فويل بوكستون وويليام ويلبرفورس إضافةً إلى المستشار هنري بروجهام. وحملت هذه المنظمة على عاتقها مهمة مواصلة النضال لوضع حد نهائي للعبودية بالإمبراطورية البريطانية.

صورة لأحد إجتماعات الجمعية المناهضة للعبودية

وبالتزامن مع كل ذلك، عانى الاقتصاد البريطاني من حالة من التخبط بسبب التغيرات الاقتصادية التي شهدها العالم حيث لم تعد مزارع قصب السكر والقطن بالمستعمرات البريطانية بالكاريبي، والتي كانت تشغل عددا هائلا من العبيد، قادرة على مقارعة المزارع الكبرى بكل من كوبا والبرازيل والتي هيمنت بدورها على الأسواق العالمية. فضلاً عن ذلك، اتجه الأميركيون نحو زيادة نسبة تبادلهم التجاري مع الهولنديين والفرنسيين، ولهذا السبب لم يتردد المستثمرون البريطانيون بالمطالبة بتنويع الإنتاج. وخلال نفس تلك الفترة، أرّقت ثورات العبيد المتواصلة السلطات البريطانية والتي اضطرت غالبا إلى استخدام القوة المفرطة لقمعها.

لوحة تجسد عملية تعذيب أحد العبيد بالبرازيل

وبسبب تراكم كل هذه الظروف، اتجه البرلمان البريطاني سنة 1833 إلى إقرار قانون إلغاء العبودية، وقد تم الاتفاق على هذا القرار أواخر شهر تموز/يوليو سنة 1833. ولقي قانون إلغاء العبودية القبول الملكي يوم 28 آب/أغسطس 1833 قبل أن يدخل حيز التنفيذ بشكل رسمي في الأول من شهر آب/أغسطس سنة 1834.

وبناءً على قانون إلغاء العبودية لسنة 1833، وفّرت بريطانيا مبلغا قارب 20 مليون جنيه (ما يعادل نصف الدخل السنوي للخزينة البريطانية) بهدف تقديم تعويضات لمالكي العبيد على أراضيها وبمستعمراتها بالكاريبي وإفريقيا. أما المستعمرة البريطانية بالهند فانتظرت حلول عام 1843 ليتم تمرير قرار مماثل منعت من خلاله عمليات بيع وشراء العبيد بالنسبة لـ"شركة الهند الشرقية البريطانية" (East India Company).

علم شركة الهند الشرقية البريطانية

تعليقات القراء

تعليقات القراء