مصر والنظام العربي

مصر والنظام العربي
2021-05-28
د.حازم قشوع
ن.ب

سما الاردن | بعد انكفاء ذاتي تنموي استمر عدة اعوام، استطاعت مصر خلالها من تطوير البنية التحية للازمة للتنمية والاستثمار، وايجاد اكثر من عشرين مدينة جديدة وقرية سياحية وخدماتية، كما عملت مصر خلال هذه الاعوام على اعادة انتاج المسارات الاقتصادية واستقرار السيولة النقدية واعادة تاهيل الجنيه المصرى؛ ما جعله يبتعد عن سطوة المعادلات السياسية ومعادلات صندوق النقد الدولى، وكما عملت خلال هذه الفترة على اعادة ترتيب البيت الاجتماعي والمعيشي للمجتمع المصرى من على قواعد الهويات المهنية المناطقية في محاولة منها لصهر المكونات المجتمعية التقليدية وفق نماذج اجتماعية جديدة لتحقيق حالة استقرار معيشي مستدام.
ها هي،  مصر تعود من جديد فتقوم ببسط نفوذها الاستراتيجي للحفاظ على امنها الاقليمي، فتعمل على تأمين خاصرة غزة وتحصينها من التمدد الاسرائيلي الذي يجابهها فى اثيوبيا عبر دخول غزة من مسارات تنموية تقوم على استتباب الاوضاع فى غزة.
كما تقوم على بسط نفوذها في السودان لتأمين حصتها المائية الاسراتيجية وللحفاظ على دور مصر المركزي  باقليم النيل الاستراتيجي لتحقق مصر بذلك خطوات متسارعة لعودة قوية على مسرح الاحداث.
مصر التي تشتبك ميدانيا وسياسيا وقانونيا مع اثيوبيا على التعبئة الثانية لسد النهضة كانت قد مررت فى السابق اثناء حكم ترمب التعبئة الاولى لكنها عادت واستفادت من تغيير بيت القرار في واشنطن وحصلت على (وديعة بايدن) بضمان الحصة المائية  للسودان والالتزام بالامن المائي المصري و بهذا تصبح الحصص المائية السودانية والمصرية جزءا من الامن القومي للولايات المتحدة بعدما اوقف الرئيس بايدن للمرة الثانية ساعة الصفر التي كادت ان تشعل  فتيلة المعركة العسكرية بين السودان المؤيدة مصريا واثيوبيا المؤيدة اسرائيليا بعد ان قامت مصر باجراء مناورة حماة النيل وهى المناورة العسكرية الكبرى التى كانت تحمل صفة الاستعداد الفعلي لساعة الصفر لولا تدخل واشنطن.
وهذا يظهر مدى الاستفادة التي يمكن ان تجنيها سياسية بيت القرار عند قراءة التبدل الحاصل فى بيت القرار فى واشنطن، ويظهر ايضا ان هنالك انحسارا للتمدد الاسرائيلي وعودة ميمونة للنظام العربي على حسابه برافعة مصرية هذه المرة، فان عودة مصر لتكون لاعبا اساسيا فى المنطقة يعني عودة النظام العربي ليشكل رافعة للامن القومي العربي وعودة النظام العربي الى مكانته، لكنه يشير الى ان عملية تقليم وتهذيب للايقاع الاسرائيلي الذى كان قد تمدد فى السابق بطريقة رغائبية ووفق رتم غير مقبول ولم يراع عند شروعه المسائل المركزية فى القضايا الاساسية التي تمس جوهر الاستقرار فى هذه المنطقة التى على راسها قضية القدس والامن المائي؛ وهو الامر الذي طالما حذر من عواقبه الاردن وفى كل المناسبات و الذى كان قد جابهته وحذرت منه الاردن ومصر فى بيت صناعة القرار.
والامل مازال يحذونا ان تنجح محاولات الاردن ومصر والعراق فى اعادة صيانة بيت الامة بعودة النظام السياسي العربي ليشكل رافعة حقيقية سياسية وامنية للامة لقضاياها والقضية المركزية، بحيث يقوم النظام العربي بتوسيع نفوذه ليشكل قوة جيوسياسية رابعة بهذه المنطقة بعد اسرائيل وايران وتركيا وبما يشرعن وجوده ويحفظ لهذه المنطقة ميزان الضوابط فيها، وهى العبارة التي كان يحرص على التذكير بها جلالة الملك فى معظم المناسبات؛ فلا يعقل ان تكون  المنطقة العربية من دون قوة مركزية عربية تحقق للامة وجودها وحضورها السياسي وتعادل ميزان القوى الاستراتيجي، فهل نحن على ابواب مصالحة عربية ذاتية واعادة ترتيب للبيت الداخلي العربي تحتضنه الاردن ؟! بعد هذا التحرك المصري وهو سؤال مشروع يستوجب الاجابة

تعليقات القراء

تعليقات القراء