لماذا يكرهوننا ؟!

لماذا يكرهوننا ؟!
2018-08-28
غيث العضايلة
إسراء زيادنة

سماالاردن | لماذا يكرهوننا؟!  والسؤال هنا على لسان مسؤول سابق ، شاءت الصدفة أن التقيه أثناء جولة هاربة أتعاطاها باستمرار ، والأردنيون ، بطبيعة الحال ،هم محور الاستفسار ، أما أنا فسأتولى الإجابة مرة أخرى في هذه السطور على السؤال ، لعلها تكون رسالة تهدئ من روع دعاة تغليظ العقوبات ، وأنصار سن قانون لاغتيال الشخصيات .

 

ولان الاعتراف بالمرض أول خطوات العلاج ، ينبغي الإقرار ان حالة فقدان الثقة بين المسؤول والمواطن ، تفاقمت لتصبح الآن في إطار العداء الفعلي ، وهذا ما تسجله التعليقات الناقمة على مواقع التواصل الاجتماعي بوضوح، عند ادارج رأي لأي شخص يحتل موقعاً رفيعاً في الخدمة العامة .

 

كثير من الأردنيين المنشغلين بهواتفهم الذكية على مدار الساعة ، أصبحوا محترفين في اقتناص الصور المحرجة ، والتصريحات غير الموفقة ، وعادة ما يبدأ اصطياد الفريسة في مجموعة مغلقة ، ليتطور الأمر بعد ذلك لموجة من النقد الموجع والشتائم على الصفحات العامة ، التي لا تشفي الغليل طالما " الهدف " ما زال على رأس عمله .

 

وفق علم النفس فان "الشخص الغاضب شخص خائف"، وبالتأكيد فان غضب الأردنيين انعكاس لذاكرة تزدحم بالأخطاء في اختيار المسؤولين ، وخطايا ارتكبوها دون حساب أو مراجعة ، وندفع ثمنها الآن ، مثلما نخشى تكرارها ، وتتجلى المخاوف على شكل اتهامات وكراهية تصل إلى حد الاهانة ، كما حدث مع مسؤول طرده أقاربه من احد بيوت العزاء قبل عدة أشهر !.

 

حالة الطلاق بين الشارع والنخبة التنفيذية ، لم تترسخ بين ليلة وضحاها ، بل سبقتها قائمة طويلة من الاحباطات في إصلاح خدمات القطاع العام والأوضاع الاقتصادية ، فتشكل " جيش من الحاقدين " مقتنع بان كل من يتبوأ السلطة ، يجلس على مقعده لتحسين امتيازاته، وينشغل بتحسين أوضاع دائرته الضيقة فقط .

 

ثورة الانترنت لم تجعل الأردني الذكي يراقب ما يجري في محيطه العربي فقط ، بل جعلته يغار من الديمقراطيات العريقة والناشئة أيضا ، وحرضت عقله على المقارنة بين الوزير الذي يصل الى مكتبه على متن دراجة هوائية ، وبين مدير مؤسسة محلية لا تكفيه 3 سيارات دفع رباعي .

 

مخطئ من ينكر ان الأردن يعيش أزمة سياسية بامتياز ، تستدعي إرادة فورية لإعادة الحياة للهياكل التي يفترض ان يعبر الناس من خلالها عن أرائهم ، مثل الإعلام والبرلمان والأحزاب واتحادات الطلبة ، والتي ثبت ان إفراغها صعد من مستويات الاشتباك بين الناس والمسؤولين ، فأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة معركة لن تنتهي فصولها بالعقوبات والقوانين .

 

من المفروض ان يرتبط مفهوم " اغتيال الشخصية " ب " النجاح في الأداء العام " ، لكن ما نشاهده على ارض الواقع مجموعة من الجالسين على الكراسي تضيق صدورهم بأي نقد ، ويستغلون اي فرصة للتحريض على تكميم الأفواه ، دون أن يسجلوا انجازا حقيقيا في سجلهم الوظيفي .

 

يسجل التاريخ ان سياسيين مثل لنكولن وتشرشل وتاتشر ، تعرضوا لموجات شرسة من الاتهامات الشعبية ، التي طالت حياتهم الخاصة أيضا ، وتعاملوا معها بحكمة وفق القانون ، دون ان يشغلوا الرأي العام فيها ، لاقتناعهم ان المسؤول يموت ، وانجازه يبقى خالدا .

 

أسوأ أنواع الانتقام نجده في الحب والسياسة ! وهذا القول يفسر التعليقات الساخطة للأردنيين المحبين لوطنهم ، والتي لا يمكن معالجتها الا بالشروع فورا في إصلاح جوهري ، لا شكلي ، لمفاصل معطوبة في عربة حرية التعبير عن الرأي .

تعليقات القراء

تعليقات القراء