ذيبان، رصيد غير مستغل وتنمية مشوهة وفقراء جدد

ذيبان، رصيد غير مستغل وتنمية مشوهة وفقراء جدد
2020-09-22
خالد طوالبة
ن.ب

سما الاردن | ذيبان ،أكثر من نصف سكانها يعانون تحت خط الفقر وعدم الاستقرار المعيشي وسط تفشي البطالة وسوء الخدمات وانعدام التنمية وضائقة كورونا. عندما تسير في أوقاتها وشوارعها لا يلفت انتباهك الا مشهد شباب يافعين وشبان يفترشون الأرض ومنهم الجامعي ومن يحمل شهادات عليا دون وظيفة أو حتى مشروع صغير. تعيش سليمة الحمايدة في حي فقير جدا من أحياء ذيبان، حي مبني بشكل غير مستقر وملوث بمياه الصرف الصحي شوارعه ضيقة وتملؤه الحفر، وتشعر سليمة بأن عائلتها قد دفعت أكثر فأكثر إلى الحافة، حافة الهاوية. هي أم لخمسة أطفال ، وكانت تكافح بالفعل ، وتعتمد على التبرعات لرعاية طفلتها المصابة بالسرطان. كلف إغلاق فيروس كورونا زوجها دخله الضئيل من قيادة حافلة مدرسية. كانت تأمل في كسب بعض النقود من بيع الاعمال اليدوية التي تصنع في البيت بعد أن أعطتها جمعية خيرية بعض المعدات. لكن مع انهيار الوضع الاقتصادي خلال الجائحة ذهبت أحلامها مع الرياح. تقول سليمة "كل الابواب أقفلت في وجوهنا". أكثر من نصف سكانها تحت خط الفقر يزداد يأس سكان ذيبان مع اختفاء الوظائف وتلاشي أحلامهم في تنمية المكان والإنسان في ملتقى مرعب من التناقضات. تشكل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة وفقدان الوظائف والبعد عن مركز الوطن وفيروس كورونا أكبر تهديد للاستقرار المعيشي للمواطن في ذيبان. تقول سليمة "لا يوجد مكان أسوأ من ذيبان تنمويا وعندما اذهب الى عمان وكأني اسافر بين الكواكب". أكثر من نصف العائلات في ذيبان وخلال دراسات قامت بها مبادرات أهلية كانت في أفقر التصنيفات ، وتفتقر إلى الخدمات الأساسية والتعليم والرعاية الصحية وتزداد الأمور سوءًا مع انكماش الاقتصاد العالمي والاردني. احتجاجات مناهضة للحكومات كانت ذيبان في طليعة الاحتجاجات المناهضة للحكومات التي اندلعت لأول مرة في ٢٠١١. وألهمت مسيراتها الصاخبة المتظاهرين الآخرين ، الذين أطلقوا عليها "مفجرة الحراك" وتلخصت مطالب المتظاهرين بإيجاد وظائف وتنمية شاملة وإقامة جامعة. وتعود الاحتجاجات بين المرة والأخرى بذات المطالب. يقول أحمد الشوابكة ،صحفي مختص بالشؤون المحلية والتنموية، إن "خطر أن تسير الأمور في دوامة هبوطية (في ذيبان) حقيقي". وعود التنمية كما يشعر سكان ذيبان بالمرارة من الوعود الكبيرة التي لم تتحقق أبدًا منذ سنين، يقول الدكتور أحمد وهو أحد أبناء المنطقة "سمعنا وعودا بتنمية المدينة كوعود العرب بتحرير فلسطين على مدى عقود ونسمع جعجعة ولا نرى طحنا، وفوق ذلك يطالبوننا بالصبر". لا تزال أراضي ذيبان التي تحمل بين طياتها تل ذيبان الاثري و"مخفر" ذيبان العثماني شاهدين على كثرة الوعود لأنه حتى اليوم لم تستغل إيجابيا. أعداد متزايدة من الفقراء الجدد ينظمون لقافلة فقراء كورونا بشكل يومي و يتدافعون للحصول على المساعدة. انفجرت دموع سليمة عندما رأت طفلتها ذات الأربع سنوات تتدافع مع الكبار لتحصل على بعض السمنة والسكر في طابور جمعية خيرية. أسرة سليمة مكدسة في غرفتي نوم - يفترش الأطفال الأرض في جوار المطبخ. ومجموعة كبيرة من فناجين الشاي والقهوة متناثرة في أرضية المكان - جزء من حقيبة زفافها هناك- واكياس مكدسة بدقة على أرفف المطبخ. عن أي كورونا تتحدثون! كانت ذيبان، وهي أحد أفقر الألوية في الأردن، حتى وقت ليس ببعيد إحدى أفضل الوجهات السياحية للأردنيين والأجانب لكن اليوم تخلو الا من بعض ساكنيها والذين لم يهجروها بعد لبعدها المكاني وقلة الخدمات فيها. حيث كنت أسير في شوارعها لم يرتد أحد في السوق قناع الوجه أو القفازات؛ أوقفت أحد المارة لأسأله واسمه أبو ضيف الله. قال "الكورونا رح تنتهي هون "، مشيرًا إلى تجمع مياه الصرف الصحي عند مدخل بيته. قال أبو ضيف الله ، 54 عامًا ، إن سياسيًا محليًا كان يدفع تكاليف تعليم بناته ، لكنه توقف عندما نجح بالانتخابات البرلمانية. قال: "إنهم لا يحتاجون إلينا الآن". صمت الحاج أبو ضيف الله برهة ثم قال "إذا ظل الحال هيك وطولت كورونا شوي رح ناكل بعض بالشارع بالمعنى الفعلي لأكل بعض".

تعليقات القراء

تعليقات القراء