حتى نجهل من نحن!!

حتى نجهل من نحن!!
2018-11-27
د.رسلان بني ياسين
ن.ب

متى ندرك نحن العرب أهمية موقفنا في ساحة المجتمع الإنساني، متى نجول بأبصارنا في المدينة الحاضرة، فنتيقن أن سهام المطامع مصوّبة نحونا من كل الجهات وإن الحياة بأجمعها معترك هائل لا يفوز فيه إلا من تسلح بالعلم والعمل واعتمد على نفسه.

علينا أن ننهض من سباتنا العميق ونصبح تلك الأمة المستعدة لدفع كل طارىء يطرأ عليها.

متى نقلع من أفكارنا ما خامرها من الأوهام السخيفة المظلمة التي جعلتنا نسيء الظن بأنفسنا ونعتقد أننا قد عجزنا عن الخوض في تيار التمدن مع الأمم الراقية، تلك الأوهام القتالة التي قضت على آمال الكثيرين من أبناء أمتنا.

السبب هو عدم معرفتنا من نحن وتعريضنا أنفسنا للغير بعد القيام بما يجب علينا نحوها من حقوق التعليم والتهذيب ولحب تقليد اليد الطولى في كيفية جهل المرء نفسه وما التقليد إلا أثر من آثار سوء التربية والتعليم. ولطالما سمعت من أحد أخواني الأفاضل هذه العبارة " كل امرىء ميّال لتقليد من يظنه أعلى منه " وهي من أهم الحقائق الاجتماعية.

ولاريب في أن التقليد أساس انحلال القوى، إذ إن في تطبيقه سهولة ولذة يقعدان الهمم وغالب الهمم ميالة للسكون.

إن فكرة التقليد سهلة لأن المقلد لا يهتم باكتشاف الماهيات بل يكتفي باقتطاف جني أعمال الآخرين وهو متربع في "دست" الراحة، وفي التقليد لذة أيضاً لأن المقلد يتساوى في الأمور المقلَّد بها ظاهراً مع من هم أهم منه.

وقد سرى فكرة التقليد في الأمة العربية حتى لم نعد نكتفي بالنافع منه ولم نعد نفكر بأن لنا شخصية تفترق عن شخصيات الشعوب الأخرى باللسان والعادات، فأصبحنا نقلد الغرب بلباسهم ومأكلهم ومشربهم وسائر عاداتهم ونتباهى بالتكلم بلغاتهم ومزج لغتنا العربية بما يروق لنا من كلماتهم حتى أننا نحكم بالشذوذ على من نراه لابساً غير "البنطال والبدلة" حتى أصبحت لغتنا العربية كقوس قزح حاوية لصنوف الألوان وهي للأسف المقبولة والمستحسنة عند البسطاء.

أليس من الغريب أن ننسب في كل حين إلى الافرنج ونحرم أنفسنا وأوطاننا من حق هذه النسبة أليس عجيباً أن نقول "عنب افرنجي، زهر افرنجي، وأي شيء نعطيه صفة افرنجي" مع أن هذه الأشياء من محصولات تربتنا العربية.

إذن فالتقليد أساس ضياع الشخية القومية فيا أيها العرب تملصوا واخلعوا أنفسكم منها قبل أن يتملص منكم الشعور الوطني ولا حياة إلا به.

تعليقات القراء

تعليقات القراء