الجغبير يكتب: "مهرجان جرش".. مدرجات وبطون خاوية

الجغبير يكتب: "مهرجان جرش".. مدرجات وبطون خاوية
2020-07-26
محمد الجغبير
ن.ب

سما الاردن | حين كان الأردنيون القدماء ينعتون السنوات بمسميات الاحداث، كأن يقولون فلان تزوج سنة الثلجة الكبيرة، أو فلان ذهب للحج سنة الهزة، اصبح في قاموس الأردنيين المعاصرين بما يُعرف بسنة الكورونا..
وسنة الكورونا هذه، غنيّة عن التعريف حيث لا تزال تخيم بظلالها على الأردنيين، بين كرٍ وفر لجهود الدولة ونشاط الفيروس.. فيما توعدتنا الحكومة بسحب امتيازات ساعات الحظر - لا قدر الله - حال ارتفع عدد الاصابات المحلية الى عشر وها هي تنتظم ونتمنى تسجيل ذاك الصفر لكي نعلن خلو الاردن من هذا الفيروس .

في سنة الكورونا، شهدنا ما لم تشهده عين ويدركه عقل، وقد اخذت منا الكورونا بادئ ذي بدء، فرح الربيع ورقص الفراشات على التلال وفي الوديان، اخذت منا طقوس رمضان وتراويح مساءات العبادة.. اغلقت المساجد.. "وفاض التنور" ليأخذ معه فرض الله لمن استطاع اليه سبيلا ... 

في سنة الكورونا ... تفاقم الفقراء، وتعاظم العوز، تكدس بطالة وأفواه جائعة.. والأخطر قرارات حكومية جائرة تائهة حادت بوصلتها عن الوطن الأردني والانسان الأردني.

في سلسلة أوامر قانون الدفاع، تبدو الآمال مشرعة على اصدار امر دفاع جديد من شأنه كبح لجام بعض القرارات الحكومية ذات النكهة البائسة والباهتة.

ففي الوقت الذي تخرج الاف الأصوات مطالبة بمد يد العون لتوفير قوت الصغار، وفيما الالاف من الشبان اصبحوا متعطلين عن العمل، وخلال جائحة لم تبقي ولم تذر في اقتصاديات العالم والاردن ، وفيما أوشك صندوق همة وطن على النفاد لارتباط عمليات الصرف في قناة انقاذ ما يمكن انقاذه، يخرج علينا مسؤولون ليضعوا بصمتهم كعلامة فارقة لكنها نشاز على أديم صفحة سنة الكورونا !

اصحاب القرار في وزارة الثقافة ، على مايبدو قيموا المشهد العام من منظور يوازي خرم ابرة في موقع المسؤولية، و يصر الوزير على التصريح بأنه سيتمسك بإحياء مهرجان جرش عبر البث الرقمي ومن غير جمهور.. لكن بكامل الميزانية بطبيعة الحال !

الطويسي صرح بأن "مهرجانات وزارة الثقافة ومن ضمنها مهرجان جرش ستقام من حيث المبدأ، وبأعداد محدودة، وإذا تطورت الحالة الوبائية ستقام بلا جمهور.. وخيار البث الرقمي وارد على جميع الأحوال وسنتمسك به" انتهى الاقتباس. هل اقامة المهرجان بأعداد محدودة سيقلل ميزانية نفقاته، وهل سيقبل النجم العربي الفلاني ان يتخلى عن الارقام الفلكية التي عهدها بالسابق لاجل ان المهرجان بلا جمهور.. وهل الجمهور سيأكل ويشرب ويدفع ايجار بيته حال وصله ابداع ذلك النجم عبر البث الرقمي؟؟

اليس من الأولى، ان يتم تجيير نفقات المهرجان لأولئك الجائعين المتعطلين الباحثين عن رغيف خبز ، اولئك الذين لا يعنيهم ان حضر زيد او عبيد لاحياء ليالي المهرجان.. وهم العارفون المتوحدون مع جرش العراقة والتاريخ وطالما تناولوا وجباتهم البدائية من زيت وزعتر ولبنة جرشية على الخبز العربي قريبا من اعمدة المدينة الأثرية بل وعلى جنبات مسارحها.

الجائعون الباحثون عن فرصة حياة لا يأبهون لمزامير وطبول يجهد الطويسي لقرعها على مسمع متضرري الجائحة... لا يأبهون لإنارة شعلة المهرجان بعد ان خبت شعلة التراتيل والصلوات في المساجد والكنائس ذات ذروة كورونا..

ليعتقنا الطويسي من الألق المفتعل ، وليتعافى القرار الحكومي من سطوة اصحاب القرارات الهوجاء التي تحفل لصوت طربي ولا يؤلمها صوت بكاء طفل جائع....  أدر دفة نفقات المهرجان الى البطون الخاوية ، الى امال الشباب، الى امهات ثكالى، الى ارامل في عهدتهن أطفال، وفي جعبتهن مواويل الوجع على وطن تحكم قراراته شخوص لا يرون الوطن الا بمقدار (تنفيع) من يؤثرون صوت الدفوف والكفوف على صوت الوطن !

تعليقات القراء

تعليقات القراء