من أدخل هذه الأسلحة إلى الأردن؟

من أدخل هذه الأسلحة إلى الأردن؟
2019-07-26
ماهر أبو طير
m.z

سما الاردن | أكثر الذين يطلقون النار بعد اعلان نتائج الثانوية العامة، هم أصحاب المعدلات المنخفضة، وربما المنخفضة جدا، لان أصحاب المعدلات المرتفعة، على الاغلب، يكونون في مزاج متعكر، من اجل علامة واحدة، قد تؤثر على دخولهم الطب أو الهندسة أو الصيدلة، أو أي تخصص آخر، من التخصصات الأكثر جاذبية.
اطلاق النار، يوم امس، وخصوصا في الظلام، يثبت ان كثيرين لا يأبهون بكل تهديدات الدولة، في بلد يعترف فيه وزير الداخلية، ان فيه اكثر من عشرة ملايين قطعة سلاح، والمفارقة هنا، ان الاحتفال وإعلان الفرح، يكون عبر أداة موت أو قتل في هذا الزمن، وكان مفهوما قبل عقود ان يتم استعمال السلاح، باعتباره أداة صوتية تعلن ان هناك فرحا ما في موقع معين، لغياب وسائل التواصل مثل هذه الأيام، التي قربت كل بعيد.
نحن العرب، نختلف عن كل الأمم، إذ إن تعبيرات الموت نستعملها في الفرح، أو إبداء العاطفة، وخذوا مثلا الكلام العاطفي، إذ يقول المرء لمن يحب ” يا ليت يومي قبل يومك” والأشقاء السوريون الأعزاء على قلوبنا، يشتهرون بجملة يعلنون عبرها حبهم، إذ تقول المرأة لزوجها، أو من يخصها، ” تقبرني ابن عمي” حتى تحولت سورية كلها اليوم إلى مقبرة كبرى، وآخر يقول تعبيرا عن حبه لامرأة وعلى مسمعها ” بموت فيك” ، ويمكن نشر عشرات التعبيرات التي ترتبط بالموت، التي يتم استعمالها عند التعبير عن الفرح أو الحب.
لا تعرف من أين تسللت هذه الثقافة، أي ثنائية الموت والفرح، في التعبيرات، لكنها بالتأكيد ليست لائقة وغير طبيعية، أو اننا العرب عموما، لا نجيد الاحتفال، أو الاحتفاء بفرحة أو عاطفة، الا بهذه الطريقة!.
نحن اذاً في الأردن، جزء من امة كبيرة، تتورط في ذات الطريقة، لكن الفرق اننا نستعمل وسيلة الموت ذاتها، بدلا من الكلام، مثلما نرى في حفلات الزفاف، اذ يتم اطلاق النيران، ويريد البعض ان يقنعك ان استعمال السلاح دليل على القوة أو الهيبة، لكن كل هذه القناعات تتهاوى، لحظة إصابة انسان، أو مقتل بريء.
السؤال الغائب، لا يرتبط بالشخص الذي يقتني قطعة سلاح مرخصة أو غير مرخصة، في بيته، لكن بشبكات تهريب السلاح، وكيف تسربت كل هذه الملايين من القطع إلى الأردن، عبر العراق، وسورية، ودول أخرى، فوق المخزون السري لتجار السلاح في البلد ؟.
رأينا خلال السنين الفائتة، نوعيات جديدة من الأسلحة على مستوى المسدسات، أو الرشاشات نصف الاتوماتيكية وغيرها، بمعنى انها ليست من مخلفات الحرب العراقية الإيرانية، مثلا، لكنها صناعة جديدة، تسللت إلى السوق الأردني، عبر شبكات قوية، وتجار يتواجدون في كل مكان، ويواصلون بيع السلاح حتى اللحظة.
الكل يعرف ان اكثر فترة للتسلح شهدناها في هذا البلد، كانت بعد العام 2011 بسبب المخاوف من الربيع العربي، وشيوع نظريات حول ان الفوضى مقبلة على الأردن، وان على كل بيت أردني، ان يتسلح من اجل حماية عائلته، فتم خلال السنين من 2011 إلى 2016 تحديدا بيع اكبر كميات سلاح في تاريخ المملكة، فوق ارتفاع أسعار القطع والذخيرة، وتوفر نوعيات جديدة، تجعل المسدسات مجرد العاب هواة، مقارنة بها.
ليس هناك اجمل من الفرح، وقد يكون مناسبا ان نذكر الكل انه ليس مناسبا استعمال أداة قتل احتفالا بطهور الابن، وتخرج البنت، وزفاف ابن العم، أو عودة حفيد ضال من جزر الواق الواق.

تعليقات القراء

تعليقات القراء