سما الاردن | المشهد العربي الجامع يؤكد اننا بتنا امام ربيع عربي آخر ، لكنه مختلف في أهدافه هذه المرة ، فخروج الجموع الى الشارع على امتداد الساحات العربية بمطالب تكاد ان تكون موحدة ، انحصرت في الهم المعيشي ، واعلان الحرب على الفساد ، باعتباره سببا في الفقر والبطالة والغلاء ونهب وسرقة مقدرات الاوطان ، دون الاشارة الى الفاسد نفسه ونوع فساده ، الا ما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي .
خروج يمثل صرخة وجع توحد حوله حراك طابعه سلمي وعبر عنه الشباب بمسيرات واعتصامات وقطع للطرقات بحثا عن ( الخبز والخدمات) ، وهو حق مشروع لكنه لا يخلو من العيوب ، فهو حراك بلا هوية جامعة ، وغابت عنه قيادات قادرة على التعبير عن ضميره ورؤاه وطرح بدائله الاصلاحية غياب أوقعه في دائرة الشك ومرمى التخوين ، بانه يعمل لصالح أجندات مشبوهة وبتمويل خارجي ،
وبأنه يمثل خروج على نتائج الربيع السابق ونسف للمتغيرات السياسية الجديدة التي اجتاحت المنطقة العربية مع بداية الالفية الثالثة ، والتي لم تكن بأحسن حال من سابقتها ،
أي ربيع هذا وقد اغفل القضايا المصيرية للأمة وعلى راسها القضية الفلسطينية ، والتطبيع ، والاطماع في ثروات الامة ، والارهاب ، والاقتتال العربي ، والوحدة الغائبة ، واهانة المقدسات ، وخطر التقسيم ، والفتن الطائفية ، والحرية والكرامة المهدورة ، الى اخر القائمة من الاخطار التي تهدد الامة في وجودها ، وأمنها قبل خبزها ، ألم يصبح الدم العربي ارخص من الماء وجرى أنهارا ، بعد ان أثخن الاعداء والاصدقاء وحتى الاشقاء جسد الامة بجراح رماحهم المسمومة ، طمعا بالثروة والكرسي ، امة لم ترتب أولوياتها ورقصت كالحبشي الذبيح على جراحاتها حقا انها أمة(الرجل المريض ، والطائر المهيض ) امة هانت وسهل عليها الهوان .... وليس بالخبز وحده يحيا الانسان . وهنا لا اقلل من قيمة الخبز بل اعظم من اهمية الكرامة والحرية والوجود ، ومن المبكر ان نحكم على مرامي كل ثورة بعاطفتنا وتعطشنا للتغيير قبل ان تعلن عن نفسها .
إضافة تعليق