فاجعة البحر الميت.. وإدارة الأزمات

البحر الميت، الازمات،
2018-10-31
عدي قاقيش

سما الاردن | لا شك أن حادثة البحر الميت حازت على مساحة كبيرة من مشاعر الأردنيين، كما أنها اعتلت الصدارة في أحاديث ونقاشاتهم، ولهول الحادثة أطلقنا عليها اسم "الفاجعة"، فنحن كمجتمع لسنا معتادين على مثل هذه الحوادث أو هذا الكم من الوفيات، إن وجد لا يتعدى حادث سير كل عام أو عامين.

خاض الأردنيين كثيراً حول هذه القضية، وتفرق الجميع بنسب التهم، قسم اتهم الحكومة بالمسؤولية اتجاه هذه القضية وقسم اتهم وزارة التربية والتعليم وأخرون نسبوا التهمة للمدرسة، ووزارة الأشغال ووزارة المياه التي اتهمت بفتح بوابات سد لا توجد له بوابات ليتم فتحة، حتى قسم اشرك التهمة للأهالي لقبولهم خروج أبنائهم في رحلة مدرسة في ظل تحذيرات من حدوث منخفض مصحوب بأمطار غزيرة وسيتسبب بتشكل السيول لكن لم تشتد التهمة لهم لكونهم هم من تضرروا من هذه الحادثة وخسروا أبنائهم –ندعوا الله أن يلهمهم الصبر والسلوان ويرحم من فقدوا-، كل منا غرد وتحدث على ليلاه والاغلب نسب التهمة للجهة التي لا تتوافق مع هواه، فليس هكذا تدار الأمور.

في الحقيقة لا أحد يبرئ من هذه التهمة لأن التهمة مشتركة للجميع، فنحن نعيش دون أدنى تخطيط لحياتنا، ليس لدينا خطط لتسيير الأمور وما هي واجبات كل جهة، ولا نعلم شيئاً عن ما يسمى أزمة أو التخطيط للأزمة أو تفادي حصول أزمة أو خطة بديلة للأزمة وما بعد الأزمة، هذه الأمور هي من اختصاص ما يسمى "العلاقات العامة".

"العلاقات العامة" تعتبر في الدول المتقدمة أحد أهم الدوائر في نجاح ورسم واستمرارية الدول والمؤسسات، بينما يعتبر عندنا نوع من أنواع التواصل الاجتماعي، ونسينا دورة الحقيقي في بناء الدول والمؤسسات، والذي يعنى بالتخطيط والبناء وإدارة الأزمات والكوارث الذي هو من صلب هذا المجال.

ماذا لو أننا كدولة مثل أمريكا تكثر فيها الحرائق والأعاصير بسبب الطقس الذي لا ليس  بيد أحد تغييره، لا يأتي شهر أو شهرين إلا ونسمع عن حرائق أو أعاصير تضرب أمريكا مخلفةً أضرار كبيرة بالممتلكات، وعدد من القتلى لا يذكر وخاصة مقارنة مع هذه الكارثة نظراً للتخطيط المسبق لإدارة الكارثة، حتى بعد الأعاصير تسير الحياة وكأن شيئاً لم يكن، هذا نموذج مبسط لإدارة أزمة في دولة ولا ننسى دور "العلاقات العامة" الهام في المؤسسات والشركات.

نفتقد في الأردن وفي المؤسسات عامة التخطيط  للمستقبل وإدارة الأزمات، فكيف ندير أزمة ونحن لا نعرف ما هي الأزمة؟ أو كيف نتفادى الأزمة أو الوقوع فيها بالأصل، أو ماذا قمنا بالتخطيط لما بعد حدوث الأزمة وكيفية التعامل معها.

أزمات تعتبر لدينا كبيرة وعظيمة ولكنها لا تمثل للدول المتقدمة إلا حادثاً بسيطاً، لم نستطع إدارتها فكيف لنا بناء دولة والنهوض بها وتحسين الحياة في جميع جوانبها.

دوائر "العلاقات العامة" تملء مؤسساتنا وموظفيها من غير اهل الاختصاص، لا يعلمون مبادئ العلاقات العامة وعلى ماذا تقوم، أو ما هي الاستفادة من هذا التخصص أو المجال؟

عندما نوكل الأمر لغير أهلة، يصبح من السهل الوقوع في الهاوية والأزمات والكوارث، عندما نجد أهل الاختصاص بين جدران البطالة ومن لا يفقه أسس هذا التخصص يسرح ويمرح فيه، ونجد أن دورة اقتصر على موظف خدمات وعلاقات اجتماعية، فأكثر ما يمكن القيام به هو التنسيق ما بين مؤسسة ومؤسسة أو توجيه خطاب للجمهور، فهو يغرق ما بين الترتيب والتنسيق والتأكد من وجود القهوة والعصائر والحلويات والتنسيق مع صانعيها ليخرج المؤتمر بأبهى حله –في حال حدوثه-، فما الفرق بين ما أصبح علية موظف العلاقات العامة وبين "محل" خدمات للأعراس والمناسبات ومهمته (تأمين الكراسي، والسماعات، والقهوة، والمياه، واللوج في حالة بعض الأفراح!!، وووو).

عندما نتوقف عن السير عكس التيار، فلن نغرق ونموت في سقوط الأمطار ولو كانت بغزارة، وعندها سنحد من أثار أية أزمة أو كارثة، لأننا نكون قد قمنا بأخذ جميع احتياطاتنا، وجهزنا الخطط لإدارتها وكيفية الخروج منها دون حصول خسائر مادية وخصوصاً خسائر بشرية.

فما حصل ويحصل في بلدنا نتيجة الاستهتار والفساد، وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، إن أبسط الأمور والتهاون بها يرتد علينا بعواقب وخيمة.

تعليقات القراء

تعليقات القراء