عن جد؟

عن جد؟
2019-05-15
مروان المعشر
ض ع

سما الاردن | ما الهدف من اي تعديل وزاري لدى المواطن الاردني؟ بل ما الهدف من اي حكومة تشكل في غياب إرادة شعبية تأتي الحكومة من خلالها للحكم؟ خرجت تحليلات كثيرة قبل التعديل الوزاري تتحدث عن  عن النية  لادخال  شخصيات سياسية و اقتصادية تساعد الرئيس على مواجهة التحديات القادمة من  صفقة القرن و من التحديات الاقتصادية الخانقة.  و تحدث  بعضها عن تعديل يساعد الرئيس في تعزيز الولاية العامة للحكومة، و عن انطلاقة جديدة  بعد عام من التأني و التروي.

اما و قد حدث التعديل،  فكيف نقرأه؟ ما هي آلية التفكير التي بحثت و محصت لتخرج بمثل هذا التعديل الذي يصعب قراءته اكثر من كونه يتعلق بالانسجام من عدمه مع بعض الوزراء؟  هل هناك اي اعتبار، و أكرر اي اعتبار، للرأي العام و ماذا يتوقع ليس فقط من التعديل، بل من الحكومة بمجملها؟  اعرف ان علينا ان ننتظر طويلا قبل ان نتوقع ان تنعكس الارادة الشعبية في فكر و توجه حكوماتنا، و لكن ريثما يتم بناء نظام سياسي نيابي حزبي جاد، هل من الطوباوية ان نتوقع و لو قدرا يسيرا من احترام الارادة الشعبية؟

لقد وضعت امال كثيرة على هذه الحكومة بالذات  للبدء بنهج جديد في ادارة الدولة الاردنية قوامه استعادة الولاية العامة، و لو بالتدريج،  و تقديم خطة متكاملة للإصلاح السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي، و لو بالتدريج، و تجسير فجوة الثقة العميقة بين المواطن و الدولة، و لو بالتدريج.  اليست هذه هي التحديات الرئيسية التي تواجه الاردن؟ فكيف يتم التصدي لاي منها في مثل هذه التعديلات؟

ثلاثة تعديلات وزارية  رفعت في كل مرة سقف التوقعات التي رافقت تشكيل الحكومة،  لتهوي هذه التوقعات  للقاع  بعد كل تعديل، و ليترك الجميع متسائلا، عن جد؟ هل  المطبخ الذي ينتج مثل هذه التعديلات، ان كان هناك مطبخ،   على صلة بما يجري في البلاد؟ ام ان ذلك لا يتم اخذه بعين الحسبان؟  اين الوازنين في هذه الحكومة ممن يعرفون ما يجري في الشارع و يدركون حجم هوة الثقة بين المواطن و الدولة؟ هل هناك داخل الحكومة من يعتقد ان مثل هذه التعديلات تساهم في تجسير هذه الفجوة؟

تعجبت كثيرا و تألمت اكثر في السنة الاخيرة،  كما تعجب و تألم العديد من الناس، و بقيت اعطي في قرارة نفسي الكثير من الأعذار للرئيس، تارة اقنع نفسي انه قد يكون أرغم على هذا القرار او ذاك، و تارة اقول لنفسي ان  درايته بالأشخاص قد تكون  محدودة هنا و هناك.  و كنت احيانا عديدة اعزي تأنيه في اخذ القرار لطبيعته الهادئة و المسالمة التي تنشد اعلى درجة من التوافق، و إقناع نفسي  انه سيأخذ القرار الصحيح في النهاية. 

لم يبق في داخلي عذر أعطيه للرئيس اليوم، و هو الصديق الذي احب و احترم، و سابقى احب و احترم، و لكن حبي لبلادي يرغمني ان اكتب دون مواربة اليوم.  تحديات بلادي اليوم لم تبق  مجالا للتردد و التروي و المجاملة و المساومات، و لا لتشكيلات حكومية غير مقنعة و غير قادرة على مواجهة هذه التحديات.  لا أستطيع الا ان اصل الى قناعة بان هذه الحكومة لا تملك  الحل،  و انها لن تخرق السقف المنخفض التي وضعته هي  لنفسها منذ تشكيلها،  فلم يعد مهما ان كانت غير قادرة او غير راغبة.  اكتب ذلك بأسف كبير و بألم عميق.

سقف التوقعات لهده الحكومة كان عاليا جدا،  اما اليوم فقد بات واضحا انها لا تختلف كثيرا عن سابقاتها.  النية الحسنة و النظافة و حسن المعشر صفات محمودة، و لكن لتعذرني الحكومة ان قلت انها لا تكفي وحدها  لولوج المرحلة القادمة بثبات و بفاعلية.

تعليقات القراء

تعليقات القراء