عرِّش يا حمار

عرِّش يا حمار
2021-09-12
سهير جرادات
ن.ب

 في نهاية كل يوم تدريبي حافل بالتمارين البدنية، وتكرار الوقوف والمشي الإيقاعي المنضبط، ومن باب (شحذ الهمم )، للمتدربين في معسكرات التدريب الشبابية، والثناء على أدائهم، وانصياعهم للأوامر والتعليمات الصارمة ، ولرفع روحهم المعنوية وزيادة ثقتهم بالنفس، " ينفحهم " المدرب بكلمات الأطراء والثناء ، بقوله : استرح ، ارفع رأسك عاليا ، وعرِّش .. ويختمها بعبارة "عرِّش عرِّش يا حمار" ..
يخضع المتدربون داخل المعسكر لتعليمات صارمة ، بدءا من الاستيقاظ مع ساعات الصباح الباكر ، وترتيب أسرتهم ، وتلميع أحذيتهم ، وتنظيف المرافق الصحية ، والاهتمام بهندامهم ، والالتحاق بالتمرين الصباحي، ليتناولوا بعدها افطارهم قبل ان يلتحقوا بحضور المحاضرات والدورات التأهيلية لتطوير كفاءاتهم ومهنيتهم. 
وبعد تناول طعام الغذاء يلتحق المتدرب مسرعا بالجولة الثانية من التمارين البدنية ، ومنها الزحف على البطن على التراب، والقفز والركض ، الى ان تتم المنادة عليه للالتحاق بطابور تناول طعام العشاء لينهي بذلك يومه بكل انضباطية واحترافية ، ثم يقضي بعض الوقت ب(التسامر) مع الرفقاء بالمعسكر (ليغفى ) وهو يتحدث معهم من شدة التعب .. وهكذا تعاد الكرة يوميا الى ان ينتهي التدريب ..
في نهاية التدريب ، يتعلم المتدربون عزة النفس والكرامة قبل الانضباط والتقيد بالتعليمات ، لأنهما مرتبطتان معا ، وينقسم المشاركون الى قسمين ، قسم  تعلم عزة النفس والكبرياء ، ورفض أن يعرِّش كالحمار ، ووجدناه ناجحا بحياته العملية ( لكن ) خارج البلاد ، ومن بقي في البلد بقي بعيدا عن كرسي المسؤولية ، و(عرش ) على فكرة واحتفظ بكرامته وكبريائه ، وبقيت جيوبة خالية ، ومعدته خاوية .
أما من قَبِل بأن يعرِّش كالحمار .. فقد وجدنا أغلبهم ( عرَّش على كرسي المسؤولية ) ، بعد أن تم اختيارهم من قبل المسؤول الضعيف ( ليعرِّش ) عليهم وعلى ضعفهم ، لذلك كانت فرصة للكثيرين ممن كانوا ينتشون كلما سمعوا  ( عرِّش يا حمار ) أن نراهم في اعلى المناصب ، رغم أن أغلبهم ( بهيم على وزن فهيم )، وتتم المحافظة عليهم في مناصبهم ومواقعهم فقط كونهم أضعف من أن يقفوا في وجه الخطأ وتصوببه ، تماما كما تتم المحافظة على حياة ( قناص ) العدو (الاحول ) ، خوفا من استبداله ب( قناص ) نظره سته على سته .. وعرِّش يا حمار ، مع الاعتذار للحمار

تعليقات القراء

تعليقات القراء