سهير جرادات تكتب: لعبة الحرب

سهير جرادات تكتب: لعبة الحرب
2022-03-11
ن.ب

سما الاردن | اجمل الالعاب الشعبية التي يمارسها اولاد الحارة في  العطل الصيفية، وطلاب المدارس في  حصص الفراغ، او في فترة الفرصة  هي لعبة ( وقعت الحرب ..) ، حيث كان يتم رسم دائرة على الأرض بواسطة الطباشير ويتم تقسيمها الى مثلثات حسب عدد اللعيبة، حيث يقف كل مشارك على مثلث بعد ان يثبت عليها اسم دولة، وتنطلق اللعبة بكلمة من اللاعب الأساسي بقوله عبارة ( وقعت الحرب بيني وبين ...) ويعلن اسم الدولة ،الذي قرر أن يشن الحرب عليها، وفي الواقع هي حرب بين اللاعب الأساسي وشخص منافس له، يُراد التخلص منه وإخراجه من اللعبة ، لينفرد هو واتباعه بها  ..
تبدأ اللعبة ، بهروب جميع اللعيبة فور ان يصدح صوت اللاعب الأساسي ،الذي في الغالب يكون (مالك الطبشورة )، وهو المسؤول عن تخطيط ( دائرة اللعبة ) ، وهو الوحيد المصرح له (البدء باللعبة )،حيث يتراكض اللعيبة في كل صوب وحدب ، وبيده قرار إيقاف اللعبة بنطق كلمة ( قف )، و( القدير ) على تحديد المسافة بينه وبين (منافسه ) ، الذي قرر ان تقع عليه الحرب ، ويفرض عليه ( جبريا ) أن يبقى في حالة جمود والتوقف عن الحركة ، ويحدد عدد الخطوات التي تفصل بينه وبين منافسه (إحدى عشرة خطوة أو أكثر بقليل) ، ويقوم بزيادة الخطوة ( الفحجة ) او تقليلها ، فإذا تطابقت الخطوات مع التخمين ( يفوز ) ، وبالتالي يخرج ( منافسه ) من اللعبة نهائيا..
اللعبة لا تنتهي هنا، حيث يكون لباقي الدول او اللعيبة ( المنافسين ) دور في الخلاص من ( المنافس ) الرئيسي ، الذي رسمت عليه اللعبة ، وتُعقد ( اتفاقيات جانبية ) قبل البدء باللعبة او خلالها ، ويتم الرسم لخسارة ( المنافس ) لصالح إرضاء او الإذعان لطلب الشخص الذي يقف في المثلث الذي يحمل اسم دولة ، سعيا الى حماية احد اللعيبة لامتلاكه معلومات مهمة عن اللعبة ، وبخسارته تصبح اللعبة في خبركان و( العوض ) باسم الكريم ..
قانون اللعبة يخرج الخاسر أو (المنافس ) من اللعبة نهائيا ، إلا أنه في بعض الأحيان لا يقبل الخسارة ويبقى في ساحة المعركة او اللعبة ، ويشاهد مجريات اللعبة مغتنما فرصة ( انتهاء اللعبة ) للعودة الى ساحة المعركة مرة أخرى ، اذ يعود ( لاعبا ) رئيسيا مرة أخرى بتكتيكات جديدة ومتطورة ، أو ان يقوم بالتحالف مع دول أخرى ولعيبة ما زالوا في ساحة القتال ليقاتل وينافس من خلالهم ، وهو خارج اللعبة ..
رغم كل ذلك ، تبقى لعبة وهمية أو افتراضية غير واقعية ، القصد منها التخلص من المنافس لصالح احد اللعيبة الموجودين في اللعبة ، وذلك بعد تدخل جهات خارجية لها دور في تيسير امور اللعبة لصالحها أو لصالح أحد اللعيبة التابعين لها ، ويكون تدخلها كونها هي التي تدفع ثمن الطباشير الموجودة بيد اللاعب الاساسي ، والمستخدمة في رسم اللعبة ، لذلك من يدفع يكون له الحق في تغيير شروط واسس اللعبة وتحديد وقت وطريقة انتهاء اللعبة..
هذه اللعبة الشعبية تتشابه مع الواقع في سعي ( اللعيبة ) لفرض سلطتهم وهيمنتهم على الساحة ، حتى لو حولوها الى ساحة حرب حفاظا على مكتسباتهم وفرض قوتهم والتفرد بها دون منافس او منازع ، في اغلب الاحيان تنتهي الحرب والمنافسين والمتابعين غير مستوعبين هدف اللعبة او الحرب ، ومدى صدقها وواقعيتها ..
Jaradat63@yahoo.com

تعليقات القراء

تعليقات القراء