جرادات تكتب : (خروف)

جرادات تكتب : (خروف)
2021-01-23
ن.ب

سما الاردن | مع بداية كل عام يكون المواطن على موعد لسداد المستحقات المالية المترتبة عليه ، ويجد نفسه في سباق ماراثوني للاستفادة من فترة الحسومات التشجيعية ، ومواجهة إشكالية فهم أسباب تغير الرسوم غير المبرر ، و معرفة الإجراءات الواجب اتباعها لإنجاز المعاملات ، وبعد المحاولات الفاشلة لاستيعاب الاجراءات ، كونها غير مفهومة لدى الموظف نفسه، يجد المواطن نفسه أمام حقيقة أن هناك مخططا لاستهدافه، ومعاملته على أساس أنه " خروف " ، مطلوب منه الدفع دون الفهم ، والامتثال للأوامر دون الاعتراض ، وما عليه إلا الامتثال للتعليمات غير الواضحة للموظف، قبل أن تكون غير مفهومة للمواطن الملزم بالدفع .

ولو استخدم المواطن حقه ، وتجرأ وسأل الموظف المسؤول عن أسباب تغير الرسوم ، والاستفسار عن نسبتها ، ستكون المفاجأة بأن الموظف نفسه لا تتوفر لديه المعلومة ، ولا حتى مديروه ، والمدهش انه عندما تبدأ بورصة التكهنات من قبل الموظفين بمشاركة المراجعين ، تأتي الإجابة الصادمة بأن " السيستم " يحدد المبلغ المطلوب ، وما على الموظف إلا التنفيذ دون أن يفهم، ليكتشف المواطن بأن حاله حال الموظف ، فكلاهما لا يستوعب ما يحدث ، وكما على المواطن المراجع أن " يخنع " ويدفع ، دون أن يفهم موجبات التخفيض أو الرفع ، أو أن يستوعب الإجراءات ، كذلك الموظف عليه أن ينفذ أوامر " السيستم " دون أن يستوعب الموجبات ، ولن يتمكن من تقديم الإجابات عن استفسارات المواطن ، وكأنما يراد من وراء ذلك " تجهيل " الموظف بعد تعطيل العقل عن التفكير والفهم .. وهذا أمر في غاية الخطورة !!..

 بعض المعاملات يُعلن (بكل جراءة) عن تحويلها إلكترونيا بالكامل ، ليتفاجأ المواطن أن ذلك مجرد كلام ، وما أن تدخل على النظام الإلكتروني يُطلب منك " رقم " لا يمكنك الحصول عليه إلا من خلال مراجعتك الشخصية للدائرة المعينة ، وما أن تصل تتفاجأ بطلب تزويدهم بصورة عن هوية الأحوال المدنية ، مدون عليها رقم الهاتف ، تتم إعادتها للمراجع بعد تدوين الرقمين على جهاز كمبيوتر الموظف !!.. على الرغم من مجانية التصوير، يقف المواطن حائرا أمام عملية تبذير وهدر للجهد والوقت والمال منظمة ، وأمام حقيقية بأن أغلب معاملاتنا ما زالت تنجز (نص إلكتروني )!!..

الموضوع لا يتوقف عند هذا الأمر، بل إنك لا تجد لوحة إرشادية للخطوات الإجرائية ، أو لمعرفة الأوراق المطلوبة ، عدا عن عدم توفر ترقيم للمكاتب ، مما "يشخصن" الوظيفة ، ويجعلك في دوامة البحث عن مكان وجود حامل الاسم وليس المكتب الوظيفي لاستكمال المعاملة !!.. 

أما عند مراجعتك لبعض المحافظات ، وفي محاولة الاستفادة من الحصول على الحسم الذي أقره مجلس الوزراء بالاستناد لقانون الإعفاء من الأموال العامة بمنح المواطن حسومات على ضريبة الأبنية والأراضي والمعارف ، يثبت لك أن الموظف يجهل بالتعليمات ، ويفتي بترصيد الخصومات للعام المقبل !!.. بحيث تكاد حقوق المواطن أن تضيع نظرا لجهل الموظف بالتعليمات ، هذا عدا عن القناعة التي يصل اليها المواطن؛ بأن هناك عملية استهبال أو  استقواء على المواطن ، الذي يصل لقناعة بأن أغلب محافظاتنا ما تزال ( خارج التغطية ) إلكترونيا.

 في المحصلة ، المواطن سواء المراجع أو الموظف، ليس كما تريدون وتخططون لتحويله إلى " خروف " ، فكلاهما يمتلك قدرات ذهنية قادرة على الفهم والاستيعاب ، إلا أنكم تستغلون إنشغالنا بأوضاعنا  الاقتصادية أو الاجتماعية  أو الصحية أو السياسية المتردية ، التي جعلتنا نستسلم لضيق صدرنا بالحكومات والقرارات التي يراد منها تجهيل المواطن واعادته للخلف ..

 كلمة أخيرة .. تأكدوا رغم ضبابية الإجراءات وتجهيل الموظف ورغم القهر الذي يسكن قلب المواطن ، إلا  أن المواطن -شئتم أم أبيتم-  ليس "خروفا ".. إنما تملكه الملل والقرف من الاسلوب المتبع من قبلكم لقهره وتجهيله .. وعليكم احترام عقولنا لنحترم قراراتكم .. فالمواطن ليس " خروفا "  .. ونحن لن نقول لكم ماااااااء

تعليقات القراء

تعليقات القراء