المبادىء أم مزبلة التاريخ؟!

المبادىء أم مزبلة التاريخ؟!
2019-04-06
فلاح القيسي
ض ع

خاص سما الاردن | ما أشبه اليوم بالبارحه، ها هو التاريخ يعيد نفسه بصورته قبل مئة عام من اليوم.

فقد كانت صفقة القرن طرحت في عام 1919، وإن اختلفت التسميات وتبدلت الأدوار، حين طرحت فكرة أن تكون فلسطين وطنيا قوميا لليهود، ويرحل اهلها الى شرقي نهر الاردن والشتات، وتنتهي المشكله.

ففي مؤتمر الصلح الذي عقد سنة 1919، كرست الدول الحليفة كل جهدها لتكون فلسطين من ضمن ممتلكاتها وتابعة لها، لتحقيق وعد بلفور ومارست ضغوط شديدة على الوفد العربي، والذي كان برئاسة فيصل بن الحسين، وقد أرسل الشريف حسين إلى نجله فيصل بعدم قبول أي اتفاق يتعارض مع التعهد الذي قطعه الحلفاء للشريف حسين، باستقلال الوطن العربي، وعندما عرضت بريطانيا المعاهدة والتي تحوي الاعتراف بفكرة أنشاء وطن قومي لليهود، رفض الشريف حسين تلك المعاهدة، وجاء في رسالته:-

"عرضت على الحكومة البريطانية معاهدة عدلتها بحيث ينص فيها على استقلال فلسطين، وجعلت وعد بلفور في حكم أنه لم يصدر، وإذا لم تقبل الحكومة البريطانية هذه التعديلات فلا يمكن أن أقبل المعاهدة".

 وقد عبرت بريطانيا عن رغبتها في حينه، بالتخلص من الشريف حسين، لوقوفه في وجه مشروعها في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، وعبر عن ذلك السير "أرنولد ولسون" بقوله: "إن تخلى الحسين عن العرش يساعد على تهدئة الموقف ويسهل تسوية قضايانا في فلسطين وسوريا والعراق، حسب الخطوط التي يقبل بها الحلفاء".

وكانت بريطانيا عرضت على الشريف حسين، عروضا مغرية في سبيل أن تأخذ منه اعتراف بوضع اليهود في فلسطين، إلا أن الشريف حسين أصر على أن يكون صريحا مع الأمة، وأعلن بموسم الحجيج انه لن يوقع أو يقبل أي اتفاقية فيها مساس بعروبة فلسطين، وقال: "أوكد لكم أنه إذا لم تفعل حكومة بريطانيا التعديلات التي طلبتها فلا يمكن أن أوقع على المعاهدة، بل أرفضها رفضا باتا، وكونوا على ثقة أنه لا يمكن أن يذهب شبر من أراضي فلسطين فإنّا نحافظ على فلسطين محافظتنا على بيت الله الحرام، ونريق في سبيل ذلك آخر نقطة من دمائنا". 

أمام هذا الموقف للشريف، خسر ملكه وعرشه، لكنه لم يخسر عروبته ودينه، وبقي على موقفه الرافض رفضا باتا، إقامة وطن لليهود في فلسطين، وكان من شدة حرصه ومحبته للقدس والتي قارنها بمكة والمدينة، قد أوصى أن يدفن فيها وكان له ما أراد.

ومن هنا ليعلم القاصي والداني، أن الموقف الهاشمي من فلسطين والقدس، موقف يعبر عن مبدأ ثابت لا يتزعزع، فهو التزام رباني ديني عروبي قومي، وعهدة تاريخية ووصاية دينية، ومن هنا جاءت (الكلات) الثلاث التي اطلقها مدوية خلال اجتماعه بقيادات امنية وعسكرية في القيادة العامة للقوات المسلحة قبيل مشاركة جلالته في القمة العربية التي عقدت مؤخرا في تونس، جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين بن طلال بن عبدالله بن الشريف الحسين بن علي، مفجر الثورة العربية الكبرى، ومؤسس النهضة العربية وفجر حريتها.

وخلاصة القول، ان الحكم الهاشمي مؤسسة عمرها بعمر التاريخ، ورايتها لم ولن تنكس أبدا، فهم اسباط خير البشر وحملة الرسالة، والأوصياء على مقدساتها بشهادة التاريخ لمن يقرأ، اما المشككون والمرجفون، فهم كمن يغرد خارج سرب الوطن، لا بل كمن يكتب على الماء، ليتهم سمعوا حناجر الأردنيين بلأمس وهي تصدح في عمان العروبة "إبشر سيدنا" إبشر ابو حسين، لن نلين ولن نستكين ما دمت فينا سيدا، ونحن نعلم حجم ما يواجهك ويواجهنا من تحديات، ربما تصل درجة الحصار، لكننا سنبقى على الوعد القابضون على جمر الوطن، فمتى كان الخبز أغلى من الوطن؟ ولن يغرينا بريق الذهب، خلفك سيدي سائرون، نحتزم على حجر ولو جعنا بشرف، فنحن جند الكرامة وسيفك البتار، ولن نكون نفايات عار في مزبلة التاريخ.

تعليقات القراء

تعليقات القراء